للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيرها من الصلوات. وهذا قياس غير صحيح، لأن الجماعة شرط في الجمعة وليست شرطًا في غيرها من الصلوات. وأما من اعتبر الأربعة فإنه رأى أن الجماعة من شرط صحة الإِمام. وأكثرها لا نهاية له ووسطها أعداد كثيرة ليس بعضها أحق من بعض، فإذا بطل أكثر بعدم النهاية والأوسط لتقابل الأعداد، لم يبق إلا الأقل. وأقل الجمع ثلاثة عند هؤلاء. وأما من قال ثلاثة فيمكن أن يكون سلك هذه الطريقة ولكنه رأى أن أقل الجمع اثنان. أو يكون سلك طريقة الأولين في أن أقل الجمع ثلاثة ولكنه احتسب بالإمام في عدد الجمع. وأما من قال مائتان فإنه يرى أن الأصل وجوب الظهر وإنما نزل وجوب الجمعة بعد وجوب الظهر واتفق على أنه لا يجب إلا بصفة وعدد فلا ينتقل عن الأصل الذي هو الظهر إلا باتفاق أو دليل ولا يثبت دليل عنده على ما دون المائتين ولا يثبت دليل بالزيادة عليهما فوجب الاقتصار عليها. هذا جملة توجيه جميع الأقوال المذكررة. والقول العاشر الذي هو اعتبار التسع لا أعرف له الآن وجهًا.

والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: أما صفة الجماعة فاختلف الناس فيها فقال أشهب: إن هرب الرجال الأحرار عن الإِمام فلم يبق معه إلا عبيد ونساء لا رجل معهم فليصل بهم الجمعة ركعتين. قال سحنون: لا تقام الجمعة بالعبيد ولا بالنساء لأنها ليست عليهم. وألحق سحنون المسافرين بالنساء والعبيد في أن الجمعة لا تنعقد بهم. وألزم أشهب إلحاق المسافرين بهم لأن (١) الجمعة تنعقد بهم. ومذهب الشافعي أنها لا تنعقد بالعبيد ولا بالمسافرين.

ومذهب أبي حنيفة انعقادها بهم. والظاهر أن مذهب أبي حنيفة أنها لا تنعقد بالنساء والصبيان. وفرّق أصحابه بينهم وبين العبيد والمسافرين: أن العبد والمسافر يصح أن يؤمّا في سائر الصلوات بخلاف المرأة. واحتجوا لانعقادها بالمسافرين والعبيد، بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة ثمانية عشر يومًا وكان يقصر بهم الصلاة وكان إمامًا (٢). ولا شك أنه صلى إمامًا في الجمعة مرات وإذا صلح


(١) في أن - قل.
(٢) اثني عشر - قل. وقد اختلفت الروايات في مدة إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة فروى البخاري عن ابن عباس أنه أقام تسعة عشر يومًا يقصر. فتح الباري ج ٣ ص ٢١٥. وروى أبو داود =

<<  <  ج: ص:  >  >>