للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأربعة. وقال الشافعي بأربعين والإمام من جملتهم. وقال الليث والأوزاعي وأبو ثور وأبو يوسف (١) بثلاثة. وقال ربيعة بإثني عشر. وقال عكرمة بتسعة. وقال الحسن بن صالح بمائتين، وروي ذلك عن أبي هريرة. فخرج من مجموع ذلك أن المسألة اختلف فيها على عشرة أقوال. نفي التحديد. وآثنان، وثلاثة، وأربعة، وتسعة، وآثنا عشر، وما قارب الثلاثين، وأربعون، وخمسون، ومائتان. فأما نحن فإذا نفينا التحديد واعتبرنا ما أشرنا إليه من كون الجماعة على صفة ما، فإنا إنما عولنا في ذلك على الظاهر. وقد قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (٢). وهذه إشارة إلى قوم لهم سوق للبيع والشراء، وهذا لا يحصر بعدد كما لم تحصره الآية. وقد يجب مع وجود عدد تارة إذا حصلت فيهم الصفة التي أشار إليها الظاهر، وتسقط مع وجود أكثر منه إذا لم يكن على الصفة التي اقتضاها الظاهر. وأما من اعتبر الثلاثين ونحوها فإنه يعتمد على ما رواه القاسم بن محمَّد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا اجتمع الثلاثون بيتاً فليقدموا رجلًا منهم في الجمعة (٣). وأما من اعتبر أثني عشر رجلًا فيعتمد على ما روي أنه انفض الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو قائم يخطب حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلًا. وظاهر هذا جواز الاقتصار على هذا العدد لأنه لم يذكر أن من انفض عنه رجع إليه. وأيضاً فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى مصعب بن عُمير قبل الهجرة وكان مصعب بالمدينة فأمره أن يصلي الجمعة بعد الزوال ركعتين وأن يخطب قبلها (٤). فجمّع مصعب في بيت سعد بن خيثمه باثني عشر رجلًا. وقد روي أنهم كانوا أربعين رجلًا. ولكن من ذكرنا حجته في رواية من روي اثني عشر رجلًا ولكن لا تصح له حجته إلا أن تصح هذه الرواية دون ما سواها، ويكون النبي - صلى الله عليه وسلم - علم ذلك فأقره. وأما من قال أربعين فيعتمد على قول جابر بن عبد الله مضت السنة على أنها سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما من قال اثنان، قاس على


(١) أبو يوسف = ساقطة من -و-.
(٢) سورة الجمعة، الآية: ٩.
(٣) تقدم قريبًا. التعليق عليه.
(٤) روى الدارقطني قريبًا منه من طريق المغيرة. انظر إرواء الغليل ج ٢ ص ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>