للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالمصلي خارجًا منه، فإن قدر كالمصلي في داخل الحجر فقد يقدر المصلي على سعة الحائط كالمصلي على ظهر الجامع. وإن قدر كالمصلي خارجًا من الحجر فقد يقدر هذا كالمصلي خارج الجامع. فإذا كان طائفة من أهل المذهب لا شك أنهم يمنعون وطائفة يتردد القول فيهم هذا التردد فالهروب من هذا أولى. فلما كتبت إليه بهذا امتنع من إحداثه. وبعثه الإيثار على الاعتزال عن الناس على أن حاول أن يخرج من قصره هذه المقصورة (١) إلى الهواء الذي يحيط به حيطان الجامع ليكون مصليًا في داخله فيرتفع ما رأيته من الإشكال فيما كتبت به إليه. فسألني عن هذا أيضًا فأشكل عليّ أمره لمعان عرضت فيه، فهربت (٢) له من إباحته على أنه أولى بالأجزاء من الصلاة في عرض الحائط. لكون المصلي فيه مصليًا في داخل الجامع وباطنه. وسنذكر ما قاله سحنون في الصلاة في حُجَر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الآن يصلي في المقصورة التي بداخل الجامع غير مرتفعة عن الناس.

وأما صلاة الجمعة في الأفنية المباحة التي يتصرف فيها بغير إذن فإنها جائزة إذا اتصلت الصفوف ودعت الضرورة إليها لأنه لا (٣) مندوحة عن الصلاة فيها إلا بترك صلاة الجمعة. قال مالك: ولا بأس بالصلاة يوم الجمعة لضيق المسجد في حوانيت عمرو بن العاص ورآها كالأفنية. فأنت تراه كيف اعتبر الضيق والضرورة. وأما الصلاة فيها من غير ضرورة فقال ابن أبي زمنين من قول ابن القاسم أن من صلى في أفنية المسجد يوم الجمعة أو قضى ركعة كانت عليه من رعاف غسله وهو يجد موضعًا في المسجد يصلي فيه أن ذلك يجزيه.

وخالفه سحنون وقال يعيد أبدًا لأن الصلاة في غير المسجد لا تجوز إلا لضيق المسجد. وقال في مختصر ابن شعبان من صلى في أفنية الحوانيت وبينه وبين المسجد عرض الطريق ولم تتصل الصفوف من غير ضيق المسجد أجزته صلاته.

قال ابن شعبان رأى أبو هريرة أناسًا يصلون في حوانيت الرحبة فقال: لا جمعة لمن لم يصل في المسجد. وقاله قيس بن عبادة. وهذا الذي حكاه ابن شعبان عن أبي هريرة أن الصلاة لا تصح في الأفنية. وقد اشتد سحنون في النكير


(١) أن يخرج من قصره هذا إلى المقصورة.
(٢) هكذا في جميع النسخ ولعل الصواب فقربت له إباحته.
(٣) لا = ساقطة من جميع النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>