للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك. فكان يقول إذا من على الذين يجلسون للصلاة في الطريق فرع رجلك على عنقه وجرّه، ويامرهم بالدخول، ويقول إن صليتم ها هنا فصلاتكم باطلة.

فكان سحنونًا رأى أن أصلنا في اشتراط الجامع يقتضي إبطال الصلاة في إيقاعها في غير الجامع اختيارًا. وكان مالكاً على مقتضى ظاهر ابن شعبان وابن القاسم رأى أن هذه الأفنية حكمها حكم الجامع لما كان الجامع المشروط موجودًا وقد صلّى فيه من صلى، فإن الآخرين المصلين في الأفنية يقدرون كالمصلين في الجامع. وقال مالك في المجموعة لا أحب أن يصلى في الطريق والأفنية الجمعة إلا مثل المرأة والضعفاء ومن لا يقدر على دخول المسجد، والرجل يصيبه ذلك المرة بعد المرة. وأما من يقعد في منزله يتنعم ويتلذذ. فإذا خاف الفوات جاء فصلّى حيث أدركه فلا أحب أن يلتزم (١) مثل هذا أحد.

وأما الصلاة في الديار والحوانيت فإن مذهب مالك أن الصلاة فيها تجزي مؤتمًا إلا في الجمعة فلا تكون إلا في المسجد أو مواضع غير مملوكة متصلة به (٢). وأبو حنيفة يجيزها في الجمعة وغيرها. والشافعي لا يجيزها في الجمعة ولا في غيرها إلا أن تتصل الصفوف ويشاهدها. وقد قدمنا ذكر مذهبه في ذلك لما تكلمنا على حكم الإمامة في الصلوات الخمس وحكم الجماعة. ومما يردّ مذهبه صلاة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجرهن بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه-يخلى صلّى في بيته وصلى الناس بصلاته في المسجد (٣) فلم ينكر ذلك عليهم. ولا يعارض هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" (٤). لأن الإِمام إذا كان في المسجد فالمقتدي به كأنه في المسجد. وقول عائشة رضي الله عنها لنسوة صلين (٥) في حجرتها لا تصلين بصلاة الإِمام فإنكنّ دونه في حجاب. أشار بعض أصحابنا إلى حمله على حجاب يمنع الاقتداء. وأما الحجة فإنما فرقنا بينها وبين غيرها من


(١) يلزم -و-.
(٢) أو موضع غير مملوك متصل به -قل-.
(٣) البخاري. فتح الباري ج ٢ ص ٣٥٥ وأحمد: بلوغ الأماني ج ٣ ص ٢٨٢
(٤) رواه الدارقطني عن جابر ضعيف. وقال ابن الجوزي: هو موضوع. فيض القديرج ٦ ص ٤٣١.
(٥) للنسوة اللائي صلين -قل-.

<<  <  ج: ص:  >  >>