للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلوات في هذا لما قدمناه من ورود الشرع باشتراط مكان مخصوص فيها.

قال بعض أصحابنا البغداديين: الإِمام لا يصلي الجمعة في هذا (١) المكان وكل ما لا يصلي فيه الإِمام لا يصلي فيه المأموم. وكل موضع صح أن يصلي فيه الإِمام صح أن يأتم به فيه المأموم. وإطلاق هذا طردًا وعكسًا يفتقر إلى تأمل.

أما ما تصح صلاة الإِمام فيه فلا شك في صحة صلاة المأموم فيه. وأما عكس هذا فإنه إذا قلنا بصحة صلاة المأموم في الفناء اختيارًا فإن إطلاق ما قدمناه إباحة صلاة الإِمام في الفناء والناس بالجامع إذا تُصور ذلك. وهذا فيه نظر.

ويفتقر هذا الإطلاق إلى تأمل. وأما صلاة النساء في حجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد اعتذر الناس عن ذلك. فقال ابن القاسم إنما جازت صلاة الجمعة فيها لأنها لم تكن تُمنع من الناس. قال ابن مُزين: قلت لعيسى لِمَ كان الناس يصلون في حجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. من ضيق المسجد؟ *فقال كانوا يدخلونها بغير إذن.

وقال سحنون لما سأله ابنه عن صلاة الناس يوم الجمعة في هذه الحجر أنها كانت في المسجد* (٢) وإنما كانت تلك الحجر من جريد قد قطعت بمسوح الشعر. وأخبرني من أدرك بعضها على ذلك فهي كالأخبية في المسجد. وأبوابها شارعة فيه وليست بمنزلة ما خرج من المسجد. وقد كنا قدمنا فيما سئلنا عنه من بناء مقصورة في هواء المسجد ما قدمناه. وقد يتعلق متعلق بصحة الصلاة فيه بظاهر كلام سحنون هذا وهو مما يفتقر إلى تأمل. وفي المبسوط قال ابن مسلمة إنما قال مالك في هذه الدور التي لا تُدخل إلا بإذن لا يصلى فيها بصلاة الإِمام إذا كان الذي فيها غير متصل بصفوف المسجد، فأولئك لا ينبغي لهم ذلك لأنهم ليسوا في المسجد ولا متصلين به. وأما لو امتلأ المسجد ورحابه وأفنيته حتى تتصل الصفوف من المسجد إلى تلك الدور فلا بأس بذلك.

وتصير الدور والشوارع حينئذ بمنزلة حجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأنت تراه كيف أشار إلى أن العذر في الحجر اتصالها بالصفوف. وأشار سحنون إلى التعليل بكونها من المسجد. وابن القاسم وعيسى إلى كونها تدخل بغير إذن. فإذا ثبت


(١) إلا في هذا المكان - قل.
(٢) ما بين النجمين = ساقط من -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>