للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخطبة إلا ما لا يقع (١) به الأجزاء. وإذا فروا والحال كذلك وعادوا للصلاة خاصة صار ذلك إشارة إلى جواز الخطبة بغير حضرة الجماعة، إذا حمل لفظ المدونة على الإطلاق والتعميم. وهذا ضد ما زعم أنه نص فيها لكنه نقل عن المدونة إلا بالجماعة والإمام يخطب. فنقله قد يسعده على ما قال. ونقلنا أقرب في إمكان ما تأولناه وإلى اشتراط الجماعة ذهب الشافعي. وذهب أبو حنيفة إلى نفي اشتراطها.

فدليلنا أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب بحضرة الجماعة فوجب الاقتداء به. وأيضًا فإن الغرض بالخطبة الإعلام. والإعلام إنما يراد للناس لا للإمام. فإذا خطب وحده صار في معنى من لم يخطب أو في معنى من تحضره (٢) الجماعة ولا يسمعه أحد. وإنما جاز الأذان بغير حضرة الجماعة لأنه ليس بشرط في صحة الصلاة.

وأما أبو حنيفة فإنه يحتج بقوله: " {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} ". وظاهر هذا وجود الذكر قبل السعي. وأجيب عن هذا بأن القصد السعي لسماع الذكر، فلو سبق الذكر سعيهم لكانوا ساعين إلى السكوت. وهذا ضد لمراده. ويحتج بأنه كما صح أن ينفرد بالإحرام ثم يحرمون بعد ذلك (٣) يصح انفراده بالخطبة. وأجيب عن هذا بأنه لا يُحرم إلا بحضرتهم وإن تأخر إحرامهم *عن إحرامه فكذلك الخطبة لا يوقعها بحضرتهم* (٤).

ومن صفات الخطيب أن يكون هو المصلي. وقد قال مالك فيمن قدم رجلًا فخطب وصقى هو بالناس الجمعة لم تجزهم الصلاة. ويلزم على طرد هذا إذا خطب الإِمام ثم قدم من يصلي بالناس اختيارًا الآ تجزي الجمعة، وإنما يباح له الاستخلاف إذا دعت الضرورة إليه مثل أن يحدث أو يرعف فإن له أن يستخلف من يصلي بالناس ويبني المستخلف على فعله إن عرض هذا في أثناء الخطبة أو في أثناء الصلاة بني الثاني على فعل الأول. وكذلك إن عرض بين الخطبة والصلاة فإن الثاني يصلي معتدًا بخطبة الأول. والحكم ها هنا


(١) إلا ما يقع -و-.
(٢) في معنى من خطب بحضرة الجماعة - قل-
(٣) بعده كذلك -قل-.
(٤) ما بين النجمين هو في -و- والنص مأخوذ من قل إلا أنه لا يستقيم النص في نهايته إلا بزيادة -إلا- لا يوقعها إلا بخضرتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>