للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا ثبت أن القيام مشروع. فقال مالك فليتوكأ على عصا. وقال ابن حبيب وكذلك فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك ينبغي أن يتوكأ على عصا أو قوس غير عود المنبر الذي خطب عليه أو إلى جانبه. وفي العتبية قال مالك ولا يرقى المنبر عندنا (١). يقوم على يسار المنبر، ومنهم من يقوم عن يمينه. وكان عبد الله بن عبد الرحمن ابن القاسم بن محمَّد وغيره يقومون عن يمينه وكل واسع. وما أدركت من يعيب إمساك العصا في الخطبة. ويقال فيها شغل عن مس اللحية والعبث باليد. واختلف قول مالك في التوكؤ على القوس فروى عنه ابن وهب أنه مثل العصا وروى عنه أنه لا يتوكأ عليه إلا في السفر.

ومن صفات الخطيب أن يخطب بحضرة الجماعة. قال ابن القصار: وليس لمالك نص في الإِمام يخطب وحده دون من تنعقد بهم الجمعة. وأصل مذهبه عندي يدل على أنها لا تصح إلا بحضور (٢) الجماعة. وقال القاضي أبو محمَّد: هذا البخاري على المذهب ولم أجد فيه نصًا لمتقدمي المذهب. وقال بعض المتأخرين عندي أنه نص على هذا في المدونة بقوله: ولا يجمع بالجمعة إلا الجماعة والإمام بالخطبة. وهذا ليس بنص كما أشار إليه لإمكان أن فيكون إنما أراد التعرض لعدد الشروط على الجملة. لا سيما وهذا الكلام إنما أورده في المدونة عقيب مسألة الإِمام يخطب فيهرب عنه الناس فلا يبقى معه إلا الواحد والإثنان وهو (٣) في خطبته أو بعد ما فرغ منها. فقال: إن لم يرجعوا إليه فيصلي بهم الجمعة صلى أربعاً. فأنت تراه كيف قال فيمن فرّوا عنه وهو في الخطبة أنهم يرجعون إليه فيصلي بهم الجمعة. وقد يكون فرارهم ولم يذهب من


(١) نص العتبية. وسئل مالك عن قيام الخطيب على المنبر في الجمعة. لا يطلع على المنبر أعلى يمينه أم على شماله؟ قال إن جل من عندنا ليقومون على يسار المنبر. ولقد كان عبد الله بن عبد الرحمان ابن القاسم بن محمَّد وغيره ليقومون على يمينه. وأرى ذلك واسعًا. فقيل له فالعصا؟ قال ما أدركت أحداً ممن أدركته ولا ممن كان عندنا إلا وهو لا يعيبها. وإن قائلًا ليقول إن فيها لشغلًا عن مس اللحية والعبث. البيان والتحصيل ج ١ ص ٤٠/ ٣٤١.
(٢) حصول -قل-.
(٣) وهو = ساقطة -و-.

<<  <  ج: ص:  >  >>