للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[التمهيد]

إن أعظم ما صرفت فيه نفائس الأيام، وأشرف ما خُصَّ بمزيد الاهتمام، وأنفس ما بُذِلَت فيه العقول والأفهام، هو الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة عن خير البريَّة، وإن أعظم وأشرف العلوم الشرعية هو علم كتاب الله وما تعلَّق به من دراسات مختلفة تنصبُّ جميعها في معرفة كلام الله - عَزَ وَجَلَّ - وإظهار مكنونه وأسراره.

أنزله الله على إمام المفسِّرين وقدوة الخلقِ أجمعين، نبينا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤)} (١) فوعاه قلبه عليه الصلاة والسلام وأولع بحبِّه وخشع له قلبه واهتزَّ له جسمه، ووقع في نفسِه القلق والخوف حتى قال لزوجته في مطلع نزوله: "زمِّلوني زمِّلوني" مما يجد في نفسه من عِظَم هذا المنزل الذي قال الله عنه: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (٢) حتى اطمأنَّت له نفسه وسكن له روعه وانشرح له صدره، فعلمَ أنَّه من عند الله وتيقَّن أنه {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} (٣) وتعهد الله لنبيه بحفظه وصيانته فلا تمسّه أيدي المحرفين والمغرضين {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} (٤)


(١) سورة الشعراء: ١٩٣، ١٩٤.
(٢) سورة الحشر: ٢١.
(٣) سورة فصلت: ٤٢.
(٤) سورة الحجر: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>