للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما سأل التربة للزلل يجري على عقله، ولذلك كان النبي - عليه السلام - يستغفر الله في اليوم والليلة سبعين مرة أو مائة مرة (١).

{رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ} أراد به نبينا - عليه السلام -، لأن العرب من ذريتهما جميعًا، وبنو إسرائيل ذرية إبراهيم وحده، ولأنهما سألا رسولًا واحدًا، ولو عنيا بني إسرائيل لسألا رسلًا (٢). وروي أن النبي - عليه السلام - قيل له: حدِّثنا عن نفسك يا رسول الله، فقال: "أنا دعوة إبراهيم وبشرى أخي عيسى - عليهم السلام -" (٣).

وإنما كان دعوة إبراهيم مع سبق الحكم به في أم (٤) الكتاب كما كان يعقوب دعوة إسحاق حين قرب إليه الشواء، وهارون دعوة موسى - عليه السلام - حين قال: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩)} (٥). وداود دعوة أشمويل حين أمد به طالوت مع سبق الحكم بهم.

وإنما دعا إبراهيم مع العلم بانتقال النور في إسماعيل لئلا يكون نصيب العرب من محمَّد عليه الصلاة والسلام كنصيب أهل بابل فيه، فحرَّفوا أنواره مع علمه مخافة أن يصيبوا ذلك النور شيء يوضع في غير الظاهر لأن الوصية بذلك كانت قائمة من كلِّ سلف إلى خلف حتى عبد الله بن عبد المطلب.

والبعث في اللغة: تهييج وإثارة، وهو مستعمل في الإحياء وإنفاذ الرسول وتأمير الأمير وتوجيه الحشر ونحوهما.


(١) صحَّ استغفاره - عليه السلام - في اليوم سبعين مرة. [أخرجه أبو داود في سننه - الدعاء - (٤/ ٣٣٥٩) - والبغوي في شرح السنة (٦/ ١٨٠)] كما صحَّ عنه - عليه السلام - استغفاره في اليوم مائة مرة [أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/ ٣٩٧) - والبيهقي (٧/ ٥٢) - والطبراني (١/ ٢٧٩)].
(٢) في "أ": (رسولًا).
(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخه (١/ ٢٦٥)، والإمام أحمد في مسنده (٥/ ٢٦٢) وأورده الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٢٧٥) وقال: هذا إسناد جيد قوي، وصححه العلاَّمة الألباني في السلسلة (٤/ ٥٩).
(٤) في "أ": (أول).
(٥) سورة طه: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>