للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكني أنس أبا حمزة لأنه كان يجتنى بقلة فسمى (١) حمزة، ويقال للأرض: أم لأنها مبتدأ الخلق، وقوله: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩)} [القارعة: ٩] أي: مآله، ويقال: ابن كذا، أي: مبلغ زمان بقائه فسمي ابنًا من غير ولادة.

{فَلَمَّا أَحَسَّ} الإحساس من النفس كالعقل من الروح، وهو مستعمل في معنى الرؤية والسمع والعلم (٢)، قوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: ٩٨]، وقوله: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: ١٠٢]، وقال - صلى الله عليه وسلم - (٣) لرجل: "متى أحسست أم ملدم؟ "، يعني: الحمى (٤).

وقوله: {مَنْ أَنْصَارِي} على وجه الحث والإغراء {إِلَى اللَّهِ} كقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}؟، ويقال (٥): (الذود إلى الذود إبل)، وقيل: {مَنْ أَنْصَارِي} في السبيل، أي: مرضاته. وقيل: من أنصاري إلى الله، كقوله: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} [يونس: ٣٥] (٦).


(١) في الأصل: (نقله تسرى) ولا معنى له.
(٢) من فَسَّر الإحساس في هذه الآية بالوجد كابن جرير في تفسيره، وغيره لا ينافي ما ذكره المؤلف لأنهما بمعنى واحد، وقد يطلق "الحِسّ" على العطف والرقة، ومنه قول الكميت:
هل مَنْ بكى الدارَ راجٍ أَنْ تَحِسَّ له ... أو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ
ويكون الإحساس بالإدراك ببعض الحواس الخمس وهي: الذوق والشم واللمس والسمع والبصر.
وقال الفراء: إذا قلت: حَسَسْت، بغير ألف فهي في معنى الإفناء والقتل، ومنه قوله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عِمرَان: ١٥٢].
[تفسير الطبري (٥/ ٤٣٥)؛ معاني القرآن للفراء (١/ ٢١٦)؛ شعر الكميت بن زيد الأسدي (٢/ ١٢)].
(٣) في الأصل و"أ": (-عليه السلام-)، وفي "ي": (عليه)، والمثبت من "ب".
(٤) رواه الإمام أحمد (٢/ ٣٦٦)؛ وأبو يعلى في المسند (٦٥٥٦)، والحديث ضعيف من هذا الوجه.
(٥) (ويقال) ليست في الأصل.
(٦) أي أن "إلى" بمعنى اللام كما يدلُّ عليه ظاهر الآية، ولذا قدر أبو علي الفارسي قوله تعالى: {يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} [يُونس: ٣٥] أي: للحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>