للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} وهو تعريهم عند الطواف (١) وقيل: هو عام {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا} على وجه الاحتجاج إذا ناظرهم مؤمن وبين لهم قبحها، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} دليل أنها موجودة قبل الشريعة وهو ما جُبل الطبائع على ردها وذمها كالظلم والكذب والغدر والتحنث ونحوها, ولم يوجبها الله تعالى في كتاب ولا لسان نبي ولا ندب إليها ولا أباح.

{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} فيه دليل أن القسط موجود قبل الشريعة وإلا لما صح الأمر به، وهو العدلى الذي يتعادلى به العقلاء {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ} أي أخلصوا عزائمكم ونياتكم وليَكن كل واحد منكم ذا (٢) وجه واحد ولا يكون ذا وجهين منافقًا مرائيًا ولا يكون معرضًا {عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} في كل متعبد {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} تشبيه العود بالبدء (٣) من حيث التقليب والتركيب والإحياء والإنطاق، وعن ابن عباس (٤) أن التشبيه لكونهم حفاة عراة غُرلًا بهمًا، وإنما لم يقل: "يعيدكم" لاعتبار نظم رؤوس الآي عند الكوفيين ولاعتبار سائر الأفعال المسندة إليهم عند الباقين.

{حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} أي ثبت وظهر وتحقق بقولى، حقت الخيانة على فلان أي ظهرت وإنما قال: {هَدَى} ولم يقل أضل؛ لأن الله متصف بالهداية من جميع الوجوه غير متصف بالإضلال من جميع الوجوه.

{خُذُوا زِينَتَكُمْ} أمر بستر العورة عند الطواف والصلاة عن ابن عباس وعطاء ومجاهد (٥)، ويجوز أن يكون حكم الترجيل والتطيّب ولبس الجدد


(١) هذا ورد عن ابن عباس عند ابن جرير (١٠/ ١٣٧)، وابن أبي حاتم (٨٣٥٧).
(٢) في الأصل "ب": (إذا).
(٣) في "أ": (بالمبداء).
(٤) قريبًا منه عند ابن أبي حاتم (٨٣٦٨).
(٥) أما عن ابن عباس فآثار كثيرة بهذا المعنى عند ابن جرير (١٠/ ١٥١، ١٥٢)، وابن أبي حاتم (٨٣٧٧، ٨٣٧٨)، وأما عن عطاء فعند عبد بن حميد وأبي الشيخ كما في الدر المنثور (٦/ ٣٦٣)، وأما عن مجاهد فعند ابن جرير وابن أبي حاتم كما في المذكور سالفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>