للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكلمة المشهورة معروف في لغة العرب، قال الشاعر (١):

نَادَوْهُمُ أنْ ألّجمُوا ألا تا ... قالوا جميعًا كلّهم: ألا فا

وقال آخر (٢):

بالخيرِ خيراتٍ وإن شرًا فا ... ولا أريدُ الشر إلا أن تا (٣)

{ذَلِكَ الْكِتَابُ}، أي: هذا القرآن، عن ابن عباس ومُجاهد (٤)


= فقد أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٣٢)، والنحاس في "القطع" ص ١١١، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ١٦٧ وغيرهم، ولا يصح سنده إلى ابن عباس، وهو مرويٌّ عن ابن مسعود - رضي الله عنه - وسعيد بن جبير - رحمه الله -.
وأما القولان الأخيران اللذان ذكرهما المؤلف فقد ذكرهما الماوردي في تفسيره "النكت والعيون" (١/ ٦٤) دون أن ينسبهما إلى أحد، وكذا تبعه في ذلك أبو السعود في تفسيره (١/ ٢١). وهناك أقوال كثيرة غير ما ذكره المؤلف، وأصح هذه الأقوال - والله أعلم - ما رجحه شيخنا محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في تفسيره (١/ ٢١) أنها حروف هجائية ليس لها معنى إطلاقًا. وكأن الله - عَزَ وَجَلَّ - أراد أن يبيَّن للمشركين أن هذا القرآن الذي أعجزكم هو من هذه الحروف المقطعة، والله أعلم.
(١) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" (١/ ٦٢)، ولم يذكر قائله.
(٢) ذكر صاحب "لسان العرب" (١٣/ ١٤٩) مادة "معي" وعزاه لحكيم بن مُعيَّة التميمي، وأما ابن جني فقد ذكره في "سر الصناعة" (١/ ٩٤) ولم ينسبه لأحد.
(٣) ما ذكره المؤلف واستشهد به على الحروف المقطعة في أول السورة وأنه معروف في لغة العرب لا يُوافَق عليه وإن تبنَّاه بعض المفسَّرين، فإن هناك فرقًا بين الحروف المقطَّعة في أول السورة وبين ما استشهد به، ذلك لأن الحروف في الأبيات التي ذكرها ظاهرة من سياق الكلام، فقوله: "ألا تا" أي: ألا تركبوا، وقوله: "ألا فا" أي: ألا فاركبوا. وقوله في البيت الثاني: "وإن شرًا فا" أي: فَشَرًّا، وقوله: "إلا أن تا" أي: إلا أن تشاءَ. وهذا الأسلوب الذي في البيتين وغيرهما من الشواهد المماثلة لها نظيره ما يعرف بالترخيم في المنادى على حدِّ قول ابن مالك في ألفيَّته:
ترخيمًا احذف آخر المنادى ... كيا سعا فيمن دعى سعادا
إذًا الحذف- حذف بعض الحروف في الكلمة - سائغ في كلام العرب لكن لا يمكن أن نقيس عليها الحروف المقطَّعة في أوائل السور في القرآن لأنها ليست منحوتة من كلمة وليس ثمة سياق يحدِّد معناها، وهذا ما ذهب إليه القرطبي في تفسيره (١/ ٢١٦) وتبعه ابن كثير في تفسيره (١/ ٥٢) وغيرهما من المفسَّرين.
(٤) شيخ القُرَّاء والمفسَّرين أبو الحجَّاج مجاهد بن جبر المكي. أكثر الرواية عن ابن عباس - رضي الله عنه -،=

<<  <  ج: ص:  >  >>