للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنه أن رسول الله قال «لا تَبِيعُوا الدِّينارَ بالدِّينارَيْنِ، ولا الدِّرْهَمَ بالدِّرْهَمَيْنِ» (١).

وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : «الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ، أوِ اسْتَزادَ، فقَدْ أرْبَى، الآخِذُ والْمُعْطِي فيه سَواءٌ «(٢).

فالحديثان الشريفان تضمنا النص على المنع من أخذ أكثر أو أقل مما أقرض أو باع به. والحديث الأول جاء بصيغة النهي، وصيغة النهي الخالية عن القرائن الصارفة عند علماء الأصول تقتضي التحريم والفساد، فكانت الزيادة أو النقص الناتجان عن الربط بمستوى الأسعار منهي عنهما، لأنهما ربا، وهو ربا الفضل، والنسيئة. ولذا فإن العقود التي يتفق فيها المتعاقدان على الربط بمستوى الأسعار، أو بعملة معينة، على النحو الذي بيناه عند شرح التعريف تكون حراماً، وباطلة.

ولأن حديث عثمان نص على العدد فقال: لا تبيعوا الدينار بالدينارين. والبائع في مثالنا السابق باع خمسين ألفاً باثنين وخمسين الفاً وخمسمائة ريال. فتحقق بيع الدينار بالدينارين، فشمله النهي، فكان حراماً، والعقد فاسدا.

وهذا هو الذي فهمه العلماء المحققون، ونصوا عليه جاء في المغني: «وإن كانت الدراهم يتعامل بها عدداً، فاستقرض عدداً، رد عدداً، وإن استقرض وزناً رد وزناً» (٣).

روى أبو بردة عن أبيه قال: «أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ سَلَامٍ ، فَقالَ: ألَا تَجِيءُ فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا وتَمْرًا، وتَدْخُلَ في بَيْتٍ، ثُمَّ قالَ: إنَّكَ بأَرْضٍ الرِّبَا بهَا فَاشٍ، إذَا كانَ لكَ علَى رَجُلٍ حَقٌّ، فأهْدَى إلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أوْ حِمْلَ شَعِيرٍ،


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٤/ ٩٦.
(٢) المصدر السابق ص ٩٩.
(٣) المغني ٦/ ٤٣٤.

<<  <   >  >>