للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفترض أن سعر الصرف بين الدرهم والدينار عند عقد البيع ١=٨، وأصبح سعره عند السداد=١٠، وكان ثمن المبيع ٥٠٠ درهم، فلو راعينا قيمة هذه الدراهم عند ثبوتها في الذمة لكانت ٥٠٠÷٨=٦٢. ٥ ديناراً، ولو راعينا قيمتها عند السداد لكانت ٥٠٠÷١٠=٥٠ ديناراً.

فنص الحديث «إذا كانت بسعر يومها» أي قيمة الدراهم يوم السداد، وهي في المثال ٥٠ ديناراً، مع أنها أقل مما كانت عليه عند الالتزام، ومن هنا تبين عدم الاعتبار للقيمة يوم البيع، وهذا معناه وجوب أداء المثل، فلا يرد إلا الخمسمائة درهم، أو قيمتها وقت السداد، لأن قيمتها وقت السداد، مثلها بذاتها، وحالة محلها، ولا يلتفت إلى قيمتها يوم الالتزام. وهذا يدل على عدم الاعتبار لأي تغير في قيمة الدين (١).

رابعاً: إن فيه غرراً فاحشاً وهو ناشئ عن الجهل بمقدار الثمن، فالبائع والمشتري، والمقرض والمستقرض لا يعلم كل منهم مقدار ما يجب دفعه عند حلول الأجل، لأنه لا يعلم كم تساوي قيمة السلعة، أو السلع التي يربط بها القرض، أو قيمة المبيع المؤجل، أو الصداق المؤخر. ومن شروط البيع العلم بمقدار الثمن، ومن شروط وجوب المهر المسمى في عقد الزواج العلم بمقدار المهر، ومقدار الثمن، والمهر، في حالة ربطهما بمستوى الأسعار أمران احتماليان غير معلومي المقدار، فيكون البيع والقرض فاسدين (٢). لما روى أبو هريرة قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ عن بَيْعِ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْعِ الغَرَرِ» (٣).


(١) التضخم والربط القياسي ص ٢٤.
(٢) موقف الشريعة الإسلامية من ربط الحقوق والالتزامات المؤجلة بمستوى الأسعار، للضرير ص ١٧.
(٣) صحيح مسلم بشرحه ٤/ ٥. منار السبيل ١/ ٣٠٨.

<<  <   >  >>