للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: القول بربط القروض والديون - الممثلة في عملة ورقية- بمستوى الأسعار يلزم منه جواز ربط القروض عندما تكون سلعاً مثلية كالقمح، أو التمر فكيف يتم الربط في هذه الحالة؟ مع أنه لا خلاف بين الفقهاء في أن من اقترض مالاً مثلياً فالواجب عليه رد مثله. يقول ابن قدامة: «يجب رد المثل في المكيل والموزون، لا نعلم فيه خلافاً» (١). قال ابن المنذر: «أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أسلف سلفاً مما يجوز فرد عليه مثله أن ذلك جائز» (٢).

سادساً: ربط القروض، والديون بمستوى الأسعار فيه قلب للأوضاع السليمة، فالنقود هي التي تقوم السلع بها، وهي أثمان المبيعات (٣)، والثمن كما يقول ابن القيم: «هو المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال، ولا يقوم هو بغيره، إذ يصير سلعة كبقية السلع» (٤). وفي حالة الربط تكون النقود مقومة بالسلع.

سابعاً: قياس القروض والديون في حالة ارتفاع قيمة النقود على السلم، فحيث إن زيادة قيمة المسلم فيه في عقد السلم لا توجب الزيادة في رأس مال السلم، فكذلك لا تجوز زيادة أو نقص مثلية القرض أو الدين (٥).

ثامناً: هبطت العملة في عدة فترات من التاريخ الإسلامي، ولم يقل الفقهاء بالربط بمستوى الأسعار.

حدث ارتفاع في الأسعار في عهد النبي . فقد روى أنس حيث قال: «غلا السعر على عهد رسول الله فقالوا: يا رسول الله، سعر لنا فقال: «إنَّ اللهَ هو المسعِّرُ القابِضُ الباسطُ الرَّزاقُ، وإنِّي لأرجو أن ألقَى ربِّي وليسَ أحدٌ منكُم يطلبُني بمظلِمةٍ في دمٍ ولا مالٍ» (٦).


(١) المغني ٦/ ٤٣٤.
(٢) انظر الإجماع لابن المنذر ص ٨١.
(٣) موقف الشريعة الإسلامية من ربط الحقوق والالتزامات بمستوى الأسعار، للضرير، ص ١٨.
(٤) إعلام الموقعين ٢/ ١٣٢.
(٥) قطع المجادلة عند تغير المعاملة ص ١٢٩ و ١٣٠.
(٦) صحيح الترمذي بشرح ابن العربي ٥/ ٥٣، انظر: سنن أبي داود ٣/ ٧٣١.

<<  <   >  >>