للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذه الأحاديث الثلاثة تدل على عدم جواز بيع الذهب أو الفضة بجنسهما إلا بالوزن، وعدم جواز بيع الأصناف الأربعة بجنسها إلا بالكيل، لأنه إذا بيعت بجنسها وزناً لا يتحقق التماثل. وقوله : «فمَن زادَ أوِ اسْتَزادَ»، يعم كل زيادة في الأموال الربوية، لأن «من» أداة شرط تفيد العموم (١).

وقوله : «إلَّا وزْنًا بوَزْنٍ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ» تأكيد على المماثلة في المعيار الشرعي، وهو الوزن فيما يوزن، والكيل فيما يكال، والعد فيما يعد. وحكى الوزير ابن هبيرة وغيره الاتفاق على أنه لا تباع المكيلات المنصوص عليها بعضها ببعض إلا كيلاً، وأنها مكيلة أبداً، والموزونات المنصوص عليها إلا وزناً، وأنها موزونة أبداً (٢).

وقوله: «سواء بسواء» تأكيد على المثلية هنا لا يكتفى فيها بمجرد الشبه، وإنما لا بد من المماثلة بقدر ما يحقق التسوية الحقيقية بين المتماثلين (٣)، ولهذا قال الفقهاء لا يباع ما أصله الكيل بشيء من جنسه وزناً، ولا ما أصله الوزن بشيء من جنسه كيلاً، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد (٤)، لأن ما خولف معياره الشرعي لا يتحقق فيه التماثل (٥).

ج-ولما روى أبو هريرة أن رسول الله قال: «الدِّينارُ بالدِّينارِ لا فَضْلَ بيْنَهُما، والدِّرْهَمُ بالدِّرْهَمِ لا فَضْلَ بيْنَهُما» (٦).


(١) الإحكام في أصول الأحكام ٢/ ١٨٨، شرح مختصر الروضة ٢/ ٤٦٧.
(٢) الإفصاح ٢/ ٣٢٨، حاشية العاصمي على الروض المربع ٤/ ٤٩٦.
(٣) قاعدة المثلي والقيمي ص ١٠.
(٤) تبيين الحقائق ٤/ ٨٩، بدائع الصنائع ٥/ ١٩٣ و ١٩٤، مغني المحتاج ٢/ ٢٤، المغني ٦/ ٦٩، شرح الزركشي على مختصر الخرقي ٣/ ٤٣٥، معالم السنن مع سنن أبي داود ٣/ ٦٤٥، الروض المربع ٤/ ٤٩٦، ما نقلناه عن أبي هبيرة في المنصوص عليها، وما ذكرنا من قول الفقهاء في كل مكيل وموزون.
(٥) المصدر السابق، الحاوي ٦/ ١٢٥.
(٦) صحيح مسلم بشرحه ٤/ ١٠٠.

<<  <   >  >>