للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: الاحتجاج بقاعدتي «لا ضرر ولا ضرار» و «الضرر يزال» يجاب عليه بأن الضرر لا يزال بضرر مثله (١). ولأنه إذا كان رد قيمة القرض، أو الدين في نظر دعاة الربط يؤدي إلى العدل بالنسبة للمقرض، والدائن، ويدفع عنهما الضرر، فإنه يؤدي إلى ظلم المقترض، والمدين ويؤدي إلى ضررهما. لأنهم كلفوا أكثر مما أخذوا، هذا من جهة. ومن جهة ثانية لو أن الأمر على عكس ما ذكر، فبدلاً من التضخم أصبح الوضع الاقتصادي في حالة انكماش، مما يترتب عليه أن قيمة النقود بالنسبة للسلع صارت مرتفعة عنه وقت ثبوت الدين في ذمة المدين، فهل سيرضى الدائن والمقرض بأخذ أقل مما دفع؟ الواقع أنه لا يرضى بأخذ أقل مما دفع. ثم إن التضخم الذي ينتج عنه ضعف القوة الشرائية للنقود، وبسببه يرى البعض تعويض المقرضين والدائنين عن نقص قيمة نقودهم ليس هو من فعل المدينين والمقترضين، وإنما هو بأسباب خارجة عن إرادتهم. وبناءً عليه فإنه ليس من العدل أن يكلف الإنسان بتحمل آثار نقص ليس من فعله.

ومن جهة أخرى فإن تلك النقود لو بقيت في يد المقرض أو الدائن ستتعرض للنقص كما هي عند المقترض، أو المدين.

ويجاب أيضاً على المحتجين بالعدالة بأن المستثمرين الذي لا يدخرون النقود فقط، بل يدخلون أيضاً في مخاطرة استثمارية غير مطمئنين إلى ثبات القيمة الفعلية لاستثماراتهم، لا تربط استثماراتهم بالمستوى العام للأسعار، مع أنهم قد يتعرضون لتآكل القوة الشرائية لنقودهم، ومع أنهم قد يتعرضون أيضاً للخسارة في مشاريعهم الاستثمارية. فأيهم أولى بالعدالة المتوهمة أهم المستثمرون؟ أم المقرضون


(١) الأشباه والنظائر ص ٩٥ للسيوطي.

<<  <   >  >>