للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: قياس الأوراق النقدية المعاصرة على الفلوس بناءً على الرأي المرجوح الذي يرى قائله رد القيمة في الفلوس إذا غلت أو رخصت، وتجويزهم ربط القروض والديون بمستوى الأسعار بناءً عليه، نناقشه من وجوه:

أولها: إن قول أحد الفقهاء أو بعضهم بجواز مسألة ما ليس دليلاً شرعياً على جواز هذه المسألة، لأنه ليس من الأدلة، وبالتالي فإنه لا يصلح حجة للقائلين بجواز ربط القروض والديون بمستوى الأسعار. لكن يمكنهم أن يستدلوا بما استدل به هذا الفقيه. وبالتالي يمكن النظر في دليله، وموازنته بأدلة معارضيه، ومن ثم الترجيح بينها، بناءً على قواعد الترجيح المعروفة عند الفقهاء. أما إذا أجمع العلماء في عصر من العصور على حكم فإنه لا تجوز مخالفة هذا الإجماع.

ثانيها: أبين رأي جمهور الفقهاء في الذي يجب أن يرده المدين، والمقترض، إذا كان الدين فلوساً. فقد ذهب جماهير الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الواجب على المدين من الفلوس في القرض، والبيع المؤجل، ونحوهما هو نفس المقدار المحدد بدون زيادة أو نقصان.

جاء في المدونة للإمام مالك: «أرأيت إن استقرضت فلوساً ففسدت الفلوس فما الذي أرد على صاحبي؟ (قال) قال مالك: ترد عليه مثل تلك الفلوس التي استقرضت منه وإن كانت قد فسدت قلت. فإن بعته سلعة بفلوس ففسدت الفلوس قبل أن أقبضها. (قال) قال مالك: لك مثل فلوسك التي بعت بها السلعة الجائزة بين الناس يومئذ، وإن كانت الفلوس قد فسدت فليس لك إلا ذلك» (١).

فإذا كان الإمام مالك يقول: ليس له إلا مثل فلوسه في حالة الفساد وهو الكساد فالقول بأنه ليس له إلا مثلها في حالة الغلاء والرخص أولى.


(١) / ٤٤٤.

<<  <   >  >>