للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ولأن نسبة القول برد قيمة الفلوس لأبي يوسف حالة غلائها ورخصها يتعارض مع لازم قوله، حيث علل في القول برد قيمة الفلوس حال كسادها ببطلان الثمنية. وفي حالة الغلاء والرخص لا تبطل الثمنية، وقد ذكر هذا من نقلنا نصوصهم من فقهاء الحنفية.

رابعها: على فرض التسليم بصحة نسبة هذا القول إلى أبي يوسف في غلاء الفلوس ورخصها، فإنه لا يصح قياس الحكم الذي قال به على انخفاض القوة الشرائية للنقود الورقية، لأن قوله معلل ببطلان الثمنية، قال السرخسي: «وإن استقرض عشرة أفلس ثم كسدت تلك الفلوس لم يكن عليه إلا مثلها في قول أبي حنيفة قياساً، وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله قيمتها من الفضة استحساناً لأن الواجب عليه بالاستقراض مثل المقبوض والمقبوض فلوس هي ثمن» وبعد الكساد يفوت وصف الثمنية … » (١).

وبصدد بقاء الثمنية في الفلوس في حالة غلائها أو رخصها يذكر السرخسي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، عقب النقل السابق عنه فيقول: «بخلاف ما إذا غلت أو رخصت لأن صفة الثمنية لا تنعدم بذلك، ولكن تتغير بتغير رغائب الناس فيها وذلك غير معتبر كما في البيع» (٢).

وهبوط القوة الشرائية للنقود الورقية في العصر الحاضر لا يلغي ثمنيتها، بل إنها تبقى أثماناً، ولا أحد يخالف في هذا، حتى القائلين بالربط، وبناءً عليه فلا يصح الاحتجاج بالقول المنسوب لأبي يوسف على فرض صحته.

خامسها: إن ما نسب لأبي يوسف من رد قيمة الفلوس حال غلائها أو رخصها، أو ذكره غيره بسبب منع السلطان لها. إنما هو حالة غلائها أو رخصها


(١) المبسوط ١٤/ ٢٩، وانظر: الهداية، وفتح القدير ٧/ ١٥٧ و ١٥٨، رد المحتار ٤/ ٢٥، بدائع الصنائع ٥/ ٢٤٢.
(٢) المبسوط ١٤/ ٣٠.

<<  <   >  >>