للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أما أنهم منعوا التعويض لا لإفضائه إلى الربا. فهذا القول مردود، لأن ربا القرض شامل للنقود وغيرها، فكل مقترض مع زيادة فهو ربا، ومنه الفلوس بالفلوس.

٣ - اختلف الفقهاء في ثمنية الفلوس، ومع هذا منعوا التعويض في نقص قيمتها. واتفق الفقهاء المعاصرون على جريان الربا في النقود الورقية. إلا من لا اعتداد برأيه. فهب أن منع الفقهاء من التعويض في الفلوس لا لأجل الربا، فهل تكون النقود الورقية ملحقة بالفلوس من حيث عدم جريان الربا فيها حتى يتسنى لنا القول بأن التعويض لا علاقة له بالربا؟ (١).

٤ - ما قاله الباحث من أنه إذا كان سداد الدين بالقيمة الحقيقية للنقود يعد من قبيل الربا فإن سدادها بالقيمة الاسمية يعد من قبيل الربا أيضاً غير صحيح. وهذا قياس فاسد يشبه قول أهل الجاهلية «إنما البيع مثل الربا» فسدادها بالقيمة الحقيقية ربا لأنه لا يؤدي إلى التماثل المشروط في الأموال الربوية، لأن القيمة الحقيقية لا تعتمد المعايير الشرعية، وإنما تعتمد التقدير بناء على تقويم المقومين.

وسبق أن بينا أن الأموال الربوية لا يصح فيها الظن بالتماثل، لقيامه على الخرص، كما في بيع المزابنة والمحاقلة (٢)، الثابت النهي عنهما بأحاديث صحيحة (٣).

وأما سدادها بثمنها، وهو المعلوم مقدار عددها فهو جائز. وقول الباحث: إنه ربا، بناء على تفسيره بأنه ناقص عن قيمة الدين، لأنه بسبب هبوط قيمة النقود الشرائية يجعله أقل من مقدار الدين غير صحيح، لأن سداد الديون في الأموال


(١) أحكام الأوراق النقدية ص ٥٧٥.
(٢) انظر في معنى المزابنة والمحاقلة: حكم الاشتراك في شركات تودع أو تقترض بفوائد، للدكتور صالح المرزوقي، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، عدد ٢١، ص ٩٨.
(٣) انظر: صحيح البخاري بشرحه ٤/ ٣٨٤، صحيح مسلم بشرحه ٤/ ٣٦ و ٣٧، المنتقى للباجي ٤/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>