للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الربوية يجب أن يكون بنفس المقدار عدداً، أو كيلاً، أو وزناً، ولا اعتبار لزيادة القيمة أو نقصها. وقد نقلنا كثيراً من نصوص الفقهاء التي تؤكد هذا القول، ومنها قول ابن قدامة حيث قال: «قد ذكرنا أن المستقرض يرد المثل في المثليات سواء رخص سعره أو غلا أو كان بحاله … (إلى أن قال): وأما رخص السعر فلا يمنع ردها، سواء كان كثيراً، مثل أن كانت عشرة بدانق، فصارت عشرين بدانق، أو قليلاً … » (١).

وأما استشهاده بما نقله عن ابن قدامة، فهو حجة عليه لا له، لأن القائلين بأن المثل هو نفس مقدار الدين كيلاً، أو وزناً، أو عدداً يوجبون رده بنفس مقداره، فكما أنهم لا يجيزون رده بزيادة لا يجيزون رده ناقصاً. وهذا متفق مع كلام ابن قدامة ، ويؤيده ما نقلناه عنه قبل قليل. إذا رد الدين بنفس المقدار فإنه يكون مثلاً بمثل، ولا يقال في حالة هبوط القيمة الشرائية للنقود إنه رده ناقصاً، ولا في حالة ارتفاع القيمة الشرائية للنقود إنه رده زائداً. لأن الأحكام الشرعية منوطة بأمور ثابتة، مثل اشتراط المثل في الربويات، ولا تناط بأمور تؤدي إلى الاختلاف، والاضطراب، مثل القيمة، ومثل إباحة الفطر في رمضان، فإنه منوط بالسفر، ولم ينط بالمشقة، لأنه لو أنيط بالمشقة لاختلف مقدار المشقة من شخص لآخر، ثم إن العامل الذي يعمل في الصيف في بلاد حارة أكثر مشقة ممن يسافر بالطائرة.

ثانياً: وأما قولهم: إن ربط المعاملات بمستوى الأسعار يتضمن الجهل والغرر، فإن جميع عقود الاستثمار الإسلامية تتضمن قدراً من الجهل والغرر بدرجات متفاوتة. وخاصة إذا ما حلت اتفاقية المشاركة في الربح والخسارة محل الفائدة (٢).


(١) المغني ٦/ ٤٤١ - ٤٤٢.
(٢) ربط القيمة بتغير الأسعار ص ٣٦، استعراض للمؤلفات الإسلامية حول ربط المعاملات بتغيير الأسعار ص ٢٤.

<<  <   >  >>