للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول

التغيرات التي طرأت على تحمُّل الأحاديث وروايتها بعد القرن الثالث

١ - شهدت السُّنَّة النبوية بعد انقضاء القرن الثالث الهجري، تحولاتٍ كبرى، من أبرزها: انقراضُ عهدِ الرواة الذين كانوا يحفظون من الأحاديث ما لا يوجد مكتوباً إلا في صدورهم.

٢ - فمع نهاية القرن الثالث انتهى عصر الجمْع والكتابة، واكتمل تدوين السُنَّة النبوية، ولم يبق من الروايات الشفهية المعتمدة على الذاكرة شيءٌ يذكر، إلا رواياتِ الأفاكين وأحاديثَ المختلقين والمخلّطين.

٣ - وممن أشار إلى انقضاء عصر الرواية بانقضاء القرن الثالث تقريباً؛ الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي (ت: ٤٥٨ هـ)، فإنه كتب يقول: "إنَّ الأحاديث التي قد صحَّتْ أو وقفتْ بين الصحة والسقم قد دُوِّنَتْ، وكُتِبَتْ في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث، ولا يجوز أن يذهب شيءٌ منها على جميعهم، وإن جاز أن يذهب على بعضهم، لضمان صاحب الشريعة حفظها. ثم قال: "فمن جاء اليوم بحديث لا يوجد عند جميعهم لم يقبل منه، ومن جاء بحديث معروف عندهم، فالذي يرويه لا ينفرد بروايته، والحجة قائمة بحديثه برواية غيره، والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسلاً بحدَّثنا وأخبرنا، وتبقى هذه الكرامة التي خُصّتْ بها هذه الأمة، شرفاً لنبينا

<<  <   >  >>