للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: سؤالهم عن الإسناد:

فقد كانوا يسألون عن الإسناد، ويتحرَّون ثقة الرواة، والتأكد من سلامة عقيدتهم، خاصة بعد ظهور الفتن والبدع. ومن أمثلة ذلك: ما صحَّ عن محمد سيرين (ت: ١١٠ هـ) أنه قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلمَّا وقعت الفتنة (١)، قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" (٢).

وعن سليمان بن موسى، أنه لقي طاووس بن كيسان (ت: ١٠٦ هـ)، أحد أئمة التابعين، فقال له: "إن رجلاً حدَّثني بكيتَ وكيتَ. فقال له طاووس: "إن كان مليّاً فخذ منه" (٣). أي ثقة ضابطاً متقناً لما يروي.

رابعاً: إقلالهم من الرواية:

فقد كان علماء التابعين رحمهم الله تعالى يسلكون طريقة شيوخهم من الصحابة الكرام، في الإقلال من الرواية، وعدم التوسع فيها، خشية الوقوع في الخطأ أو الكذب على النبي ، من غير قصد.

فعن عامر الشعبي (ت: ١٠٣ هـ)، أحد أئمة التابعين، قال: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، ما حدَّثتُ إلا بما أجمع عليه أهل الحديث" (٤).

وعن خالد الحَذَّاء (ت: ١٤١ هـ) قال: "كنا نأتي أبا قلابة


(١) المراد بالفتنة هنا: الفتنة التي ظهرت في زمن عثمان بن عفان وأدت إلى تمزق الأمة سياسياً وظهور الأهواء، ينظر "بحوث في تاريخ السنة" ص ٤٨.
(٢) "صحيح مسلم» ١/ ١٥.
(٣) المصدر السابق ١/ ١٥.
(٤) "تذكرة الحفاظ" ١/ ٧٧.

<<  <   >  >>