للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع

أثر الخلافات السياسية والمذهبية في رواية الحديث

١ - أخرج مسلم في مقدّمة صحيحه، أنَّ بُشيراً العدوي، جاء إلى ابن عباس ، فجعل يحدّث، ويقولُ: قال رسول الله ، قال رسول الله (مكرر)، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه أي لا يستمع له ولا ينظر إليه. فقال: يا ابن عباس! مالي لا أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله ، ولا تسمع! فقال ابن عباس: "إنَّا كنَّا مرة إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله ، ابتدرته أبصارنا، وأصغينا إليه بآذاننا. فلما رَكِبَ الناسُ الصَّعب والذلول، لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف" (١).

وفي رواية عن ابن عباس، أنه قال: "كنا نحدث عن رسول الله ، إذ لم يكن يُكْذَبُ عليه، فلما رَكِبَ الناسُ الصَّعب والذلول، تركنا الحديث عنه" (٢).

وفي مقدّمة صحيح مسلم، عن التابعي الجليل محمد بن سيرين ، قال: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة (٣)، قالوا: سمّوا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السُّنَّة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع


(١) "صحيح مسلم» ١/ ١٣.
(٢) المصدر السابق ١/ ١٢.
(٣) المراد بالفتنة هنا: الفتنة التي وقعت لعثمان بن عفان واستشهاده، وأدت إلى تمزق الأمة وافتراقها، ينظر "بحوث في تاريخ السُنَّة" ص ٤٨،

<<  <   >  >>