للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ومن أهمّ سمات مدرسة أهل الشام: كثرة المراسيل والمقاطيع، وقلّة عنايتهم بذكر الأسانيد في مروياتهم.

٤ - ولعلّ السبب يعود في ذلك إلى الثقة المتبادلة، التي كانت موجودة بين علماء التابعين هناك، وقلّة الوضع في الحديث، فلم ير أهلُ الشام حاجة إلى ذِكْرِ الأسانيد. لكنهم تنبهوا إلى ضرورة الإسناد، حين ظهر الوضع في الحديث بعد ذلك.

٥ - ومن أوائل من نبّه أهلَ الشام إلى ضرورة الإسناد: الإمام محمد بن شهاب الزهري (ت: ١٢٤ هـ) . فقد روى ابن عساكر في تاريخه، عن عتبة بن أبي حكيم، قال: "جلس إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، بالمدينة في مجلس الزهري، فجعل يقول: قال رسول الله ، فقال الزهري: مَاَلَكَ قاتلك الله ما أجراك على الله، يا ابن أبي فروة! ألا تسند أحاديثك، تحدّثونا بأحاديث ليس لها خُطُم ولا أزمّة" (١).

٦ - ومما امتاز به أهلُ الشام: قلّة من عُرِفَ منهم بالكذب، أو الوضع في القرون الثلاثة الأولى. قال الإمام ابن تيمية : "وقد اتفق أهل العلم بالحديث على أن أصحّ الأحاديث أحاديث أهل المدينة، ثم أحاديث أهل البصرة، وأما أحاديث أهل الشام فهي دون ذلك؛ فإنه لم يكن لهم من الإسناد المتصل وضبط الألفاظ، ما لهؤلاء، ولم يكن فيهم يعني أهل المدينة ومكة والبصرة والشام من يُعْرَفُ بالكذب، لكن منهم من يضبِط ومنهم من لا يضبِط" (٢).


(١) "تاريخ دمشق" ٨/ ٢٤٧.
(٢) "مجموع الفتاوى" ٢٠/ ٣١٦.

<<  <   >  >>