للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - وقد ذكروا في سبب تأليفه: أن الخليفة أبا جعفر المنصور ، عندما قَدِمَ المدينة في رحلة حجّه، قال لمالك: ضَعْ للناس كتاباً أَحْمِلْهم عليه، فما أحدٌ أعلم منك. فوضع مالكٌ الموطأ، ولم يفرغ منه حتى مات أبو جعفر (١).

بَيْدَ أن مالكاً رفض حمْل الناس على كتابه، وقال: "يا أمير المؤمنين لا تفعلْ هذا، فإن الناس قد سبقتْ إليهم أقاويلُ، وسمعوا أحاديثَ، ورووا رواياتٍ، وأخذ كلّ قوم بما سبق إليهم، وأتوا به من اختلاف الناس، فدع الناس وما اختار أهل كلّ بلد منهم لأنفسهم.

وتُنسب هذه القصة إلى هارون الرشيد أيضاً مع الإمام مالك (٢).

٤ - واختلف في سبب تسميته بالموطأ، فقيل: إن مؤلِّفه عَرَضَه على شيوخه فواطؤوه عليه. أي وافقوه، فسمَّاه: الموطأ. فقد نقل السيوطي عن الإمام مالك، أنه قال: "عرضتُ كتابي هذا على سبعين فقيهاً، فكلّهم واطأني عليه، فسمّيته: الموطأ" (٣).

وقيل: إن سبب تسميته بالموطأ؛ أن مؤلِّفه أراد به توطئة الأحاديث وتيسيرها للناس. ولفظة الموطأ معناها: المُمَهَّد السهل المُعَبَّد (٤). ولا مانع من صحة السببين جميعاً.

٥ - وقد اشتمل الموطأ على حديث رسول ، وأقوال الصحابة،


(١) "ترتيب المدارك" ٢/ ٧١.
(٢) "شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" ١/ ٤٧.
(٣) "تنوير الحوالك" للسيوطي ص ٧.
(٤) "شرح الباعث الحثيث" ص ٦، "بحوث في تاريخ السُنَّة" ص ٢٤١.

<<  <   >  >>