[مقدمة]
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون "
"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام، إنّ الله كان عليكم رقيباً "
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً،يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً ".
أمّا بعد ...
لقد ظهر فى عصرنا من يدعى انه يحدد عمر أمّة الإسلام، وقد خط ذلك فى كتاب أسماه (عمر أمّة الإسلام وقرب ظهور المهدى عليه السلام) ، ثم أتبعه بكتاب آخر عن علامات الساعة واسماه (القول المبين فى الأشراط الصغرى ليوم الدين استقصاءً وشرحاً وبياناً لوقوعها) ، ثم بكتاب ثالث سماه (رد السهام عن كتاب عمر أمة الإسلام) ، وأخطأ فى ذلك أخطاءً عديدة بلغ عددها ما يقرب من مائة خطأ (عدد ٣٠ خطأ فى كتاب عمر أمة الإسلام، ٤٤ خطأ فى كتاب رد السهام، ٢١ خطأ فى كتاب القول المبين) ، وما كنت أنوى أن أردّ عليه لولا انتشار الكتاب -وتباهى كاتبه بذلك -، وقد دخل على الناس كلامه مع ما فيه من أخطاء، ولما كان الدين النصيحة فأحببت أن أنصح للمؤلف ولإخوانى المسلمين وأن أحذرهم من هذه الأخطاء، مستنداً فى ذلك إلى كلام السلف الصالح والأئمة والعلماء.
وإنّى لم أحص كل الأخطاء، وإنّما اكتفيت ببيان بعضها، ولا أزعم أنّ جميع ما فى الكتابين خطأ كله، ولم يدفعنى لكتابة هذا الرد إلا وجود أخطاء خطيرة، وهى:
١ - الإشارة إلى انتهاء عمر أمة الإسلام وتحديد ذلك بالسنين.
٢ - الإشارة إلى تحديد زمن ظهور المهدى والمسيح عيسى بن مريم والمسيح الدجال.
٤ - ادعاء المؤلف أن الأمة الإسلامية لن تستطيع تحرير الأراضى المقدسة فى فلسطين المحتلة إلا بعد ظهور المهدى.
٥ - وضع بعض الأحاديث فى غير مكانها الصحيح ومحاولة تفسيرها فى ضوء واقع أو نظرية معينة قد تثبت الأيام خطأ هذه التفسيرات البعيدة عن الحقيقة.
٦ - ادعاء المؤلف بانه لن يذكر إلا الأحاديث الصحيحة فقط وانه إن ذكر غير ذلك فسوف يذكر أن الحديث ضعيف، ولكنه لم يلتزم بذلك، كما سنوضح فى ردنا عليه.
٧ - كثرة نقله عن أهل الكتاب بما لا أصل له عندنا، وتصديقه على ذلك حتى أنه نقل فى ص ١٢٥ الطبعة الثانية (ص ١٢٢ الطبعة الأولى) من كتابه (عمر أمة الإسلام) أن زمن ظهور المسيح الكذاب فى عيد فصح اليهود من ١٠ - ١٧ أبريل ١٩٩٨ وقبل ظهوره لابد من بناء هيكل سليمان ومذبح المحرقة فى أورشليم.ووضع المؤلف (أمين) هذا التاريخ فى برواز كبير وكتبه بالخط العريض.
فأقول: اننى الآن أكتب هذه المقدمة فى مايو ١٩٩٨ أى بعد التاريخ المزعوم ولم يحدث شئ مما نقله لنا هؤلاء، وقد كنت كتبت هذا الرد الذى بين يديكم بعدة شهور، ولكن تأخرنا فى كتابة هذه المقدمة لما قبل الطباعة.
ولمّا كنّا لا نحب أن يُكذّب اللهُ ورسولُه؛ كتبنا هذا الردّ، ونرجو أن يتقبله المؤلف وباقى إخواننا المسلمين المعارضين والمؤيدين على حد سواء بصدر رحب وبتأنى فى الفهم وفى الحكم. ولننظر إلى ردنا هذا فى ضوء أدب الاختلاف فى الإسلام.
وقد تعمّدت فى نقلى أن أذكر آراء الأئمة المتقدمين، ثم أذكر أيضاً آراء بعض العلماء المعاصرين، ولما كان المؤلف (أمين محمد جمال الدين) قد ذكر فى كتابه (القول المبين) أن العلماء المجتهدين فى عصرنا هذا قليل عددهم، وذكر منهم أربعة علماء - تحديداً - بأسمائهم، فأحببت أن يكون ردى هذا معتمداً على كلام اثنين منهم - لانهم الأكثر تصنيفاً من غيرهما - وهما:
١ - فضيلة الشيخ العلاّمة مُحدث العصر / محمد ناصر الدين الألبانى - حفظه الله وبارك فى عمره ونفعنا بعلمه -،
٢ - والأستاذ الدكتور / يوسف القرضاوى (١) .
ولعل ذلك أدعى للمؤلف (أمين) - فضلاً عن غيره - فى قبول نصيحتنا هذه.
(١) وإن كان القرضاوى نفسه له مخالفات وتعديات لعل بعضها أشد مما وقع فيه مؤلف هذا الكتاب وبخاصة فى كتبه الأخيرة والتى بدأ ينحى فيها منحى المعتزلة القدامى من رد أحاديث الاحاد وعدم اعتقاد ما فيها، بحجة انها لا تفيد إلا الظن (بمعنى المشكوك فيه عندهم) ولو كانت فى الصحيحين، فيردونها بزعم أنها تخالف القرآن أو العقل. ويمكن القول بأن نقل كلامه ههنا إنما هو من باب الاحتجاج على المخالف بقول من يعتمدهم ويرضاهم والله المستعان (أبو حاتم)