للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[البيوع والأطعمة والأشربة]

٧٣ - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ (١)، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ (٢)، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ (٣)، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ (٤)، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ (٥)، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً (٦) (، إِذَا


(١) معناه: أن الحلال المحض بيِّن لا اشتباه فيه، وكذلك الحرام المحض، ولكن بين الأمرين أمور تشتبه على كثير من الناس، هل هي من الحلال أم من الحرام؟ وأما الراسخون في العلم، فلا يشتبه عليهم ذلك، ويعلمون مِن أيِّ القسمين هي.
(٢) استبرأ: طلب البراءة لدينه وعرضه من النقص والشين. والعرض: هو موضع المدح والذم من الإنسان، وما يحصل له بذكره بالجميل مدح، وبذكره بالقبيح قدح.
(٣) وذلك يكون بوجهين:
أحدهما: أن من لم يتق الله وتجرأ على الشبهات أفضت به إلى المحرمات، ويحمله التساهل في أمرها على الجرأة على الحرام.
والوجه الثاني: أن مَن أكثر مِن مواقعة الشبهات أظلم عليه قلبه لفقدان نور العلم ونور الورع، فيقع في الحرام وهو لا يشعر به، وقد يأثم بذلك إذا تسبب منه إلى تقصير.
(٤) رتعت الماشية: أي: أكلت ما شاءت، وجاءت وذهبت في المرعى.
(٥) هذا مثل ضربه لمحارم الله عز وجل، وأصله: أن العرب كانت تحمي مراعي لمواشيها وتتوعد بالعقوبة لمن قربها، فالخائف من عقوبة السلطان يبعد بماشيته عن ذلك الحمى؛ لأنه إن قرب منه فالغالب الوقوع فيه؛ لأنه قد تنفرد الفاذة -أي: الشاة التي تمشي وحدها- وتشذ الشاذة ولا ينضبط، فالحَذِر من يجعل بينه وبين ذلك الحمى مسافة يأمن فيها وقوع ذلك، وهكذا محارم الله عز وجل من القتل والربا والسرقة وشرب الخمر والقذف والغيبة والنميمة ونحو ذلك، لا ينبغي أن يحوم حولها مخافة الوقوع فيها.
(٦) المضغة: القطعة من اللحم وهي قدر ما يمضغه الماضغ، يعني بذلك: صغر حجمها وعظيم قدرها.

<<  <   >  >>