والواجب على المؤمن أن يكون غضبه دفعًا للأذى في الدين له أو لغيره، وانتقامًا ممن عصى الله ورسوله، كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: ١٤ - ١٥]. وهذه كانت حال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتُهِكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء، ولم يضرب بيده خادمًا ولا امرأة إلا أن يجاهد في سبيل الله. فهذا الرجل طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير؛ ليحفظها عنه، فوصاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يغضب، ثم ردد هذه المسألة عليه مرارًا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يردد عليه هذا الجواب، فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير» اهـ باختصار. (٢) أي: أحسنوا هيئة الذبح، وهيئة القتل. (٣) الشفرة: السكين. (٤) «وليرح ذبيحته»: بإحداد السكين وتعجيل إمرارها وغير ذلك. ويُستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها. (٥) قال الإمام ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (١/ ٣٨١): «هذا الحديث يدل على وجوب الإحسان في كل شيء من الأعمال، لكن إحسان كل شيء بحسبه، فالإحسان في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنة: الإتيان بها على وجه كمال واجباتها. والإحسان في ترك المحرمات: الانتهاء عنها، وترك ظاهرها وباطنها، كما قال تعالى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: ١٢٠]. وأما الإحسان في الصبر على المقدورات: فأن يأتي بالصبر عليها على وجهه من غير تسخُّط ولا جزع. والإحسان الواجب في معاملة الخلق ومعاشرتهم: القيام بما أوجب الله من حقوق ذلك كله. والإحسان الواجب في ولاية الخلق وسياستهم: القيام بواجبات الولاية كلها. والإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب: إزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها من غير زيادة في التعذيب؛ فإنه إيلام لا حاجة إليه. وهذا النوع هو الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، ولعله ذكره على سبيل المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال. وهذا يدل على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباح إزهاقها على أسهل الوجوه، وقد حكى ابن حزم الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة» اهـ باختصار.