السادس: قوله تعالى: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا)[الأعراف: ١٤٣] ، فإذا جاز أن يتجلى للجبل، الذي هو جماد لا ثواب له ولا عقاب، فكيف يمتنع أن يتجلى لرسوله وأوليائه في دار كرامته؟ ولكن الله أعلم موسى أن الجبل إذا لم يثبت لرؤيته في هذه الدار، فالبشر أضعف.
السابع: أن الله كلم موسى، وناداه، ومن جاز عليه التكلم والتكليم وأن يسمع مخاطبة كلامه بغير واسطة، فرؤيته أولى بالجواز. ولهذا لا يتم إنكار رؤيته بإنكار كلامه، وقد جمعوا بينهما.
ثم أجاب على دعواهم أن " لن " تفيد التأبيد وتدل على نفس الرؤية في الآخرة، وبيّن الشيخ أنها لو قيدت بالتأبيد فلا تدل على دوام التفي في الآخرة، فكيف إذا أطلقت؟ ولهذا نظائر في القرآن، قال تعالى:(ولن يتمنوه أبدا)[البقرة: ٩٥] ، مع قوله:(ونادوا يامالك ليقض علينا ربك)[الزخرف: ٧٧] . ولأنها لو كانت للتأبيد المطلق لما جاز تحديد الفعل بعدها، وقد جاء ذلك، قال تعالى:(فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى)[يوسف: ٨٠] .
فثبت أن (لن) لا تقتضي النفي المؤبد.
قال الشيخ جمال الدين بن مالك رحمه الله:
ومن رأى النفي بلن مؤبداً ××× فقوله اردد وسواه فاعضدا
وأما الآية الثانية: فالاستدلال بها على الرؤية من وجه حسن لطيف، وهو: أن الله تعالى إنما ذكرها في سياق التمدح، ومعلوم أن المدح إنما يكون