للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي صفة مترتبة على المحبة في الله، فالمؤمن مع أخيه المؤمن، سمح، ودود، هين، لين، معين، مستجيب، فهي الأخوة التي ترفع الحواجز، وتزيل التكلف، وتختلط فيها النفس بالنفس، على محبة الله ومن أجل الحب في الله، وهذا الموقف مع المؤمنين على نقيضه موقف آخر مع الكفار، فالمؤمن فيه على الكفار شماس (١) وإباء (٢) واستعلاء (٣) وغلظة، فهي ليست العزة للذات، ولا الاستعلاء للنفس إنما هي العزة للعقيدة، والاستعلاء للراية التي يقف المؤمنون تحتها جميعا في مواجهة الكافرين في كل زمان ومكان (٤) فعندما تصل المحبة في الله إلى ذروتها يصبح الجهاد في سبيله، والتضحية بالنفس والمال والأهل والعشيرة، من نتائج ذلك الحب وآثاره المشرقة.

وقد شذ بعض أهل الكلام، في مسألة الإيمان هل هو قول وعمل أم لا؟ فقالت جماعة: بأن الإيمان هو تصديق القلب فقط، وقال الجمهور: بأن الإيمان قول وعمل وعلى هذا ففي المسألة قولان:

القول الأول: قول الكرامية والجهمية، وأبي الحسين الصالحي أحد رؤساء القدرية أن الإيمان هو الإقرار باللسان أو التصديق بالجنان، وهذا القول ظاهر الفساد حيث إن المنافقين عند هؤلاء كاملي الإيمان ولازم قولهم أن فرعون وقومه كانوا مؤمنين، فقول يترتب عليه مثل ذلك يعتبر ظاهر البطلان فلا يحتاج فيه إلى مناقشة أو جدل كلامي مع هؤلاء (٥).

القول الثاني: أما القول الثاني: وهو قول الجمهور، وهو أن الإيمان هو ما يقوم بالقلب واللسان وسائر الجوارح، وقد قال بذلك الإمام مالك


(١) أي عسر في عداوته، شديد على من عاداه، وعانده السان العرب (٢/ ٣٥٨).
(٢) والإباء الامتناع والكراهية لسان العرب (١/ ١١).
(٣) أي رفعة وشرف لسان العرب (٢/ ٨٧٤).
(٤) انظر في ظلال القرآن/ سيد قطب (٦/ ٧٧٥، ٧٧٦).
(٥) انظر شرح الطحاوية (٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>