للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاداة كما هو الحال في واقع معظم الناس اليوم الذين يحبون للدنيا ويبغضون للهوى، بعيدا عن مجال الحب في الله والبغض فيه، إن الحب في الله والبغض فيه، هو الحب والبغض الذي يتعدى العلاقات الأجبارية من علاقة العمل أو الجوار أو النسب، فالإنسان قد يحب أحدا من هؤلاء لمصلحة دنيوية فقط، أو لتوافق الطباع السيئة بينهما كما قد يكره أحدا من هؤلاء للمصلحة دنيوية، أو لاختلاف النفوس والرغبات بينهما، وهذا النوع من الحب والبغض وإن كان هو السائد في مجتمعنا المعاصر فهو ليس من قبيل الحب في الله، أو البغض فيه.

فالحب في الله والبغض فيه، أوسع دائرة من ذلك كله فهو حب وبغض على مستوى العالم أجمع، وعلى مستوى الحياة كلها فالحب في الله هو حب أهل الإيمان في أي زمان ومكان، وموالاتهم ومناصرتهم على ذلك.

والمعاداة في الله هي معاداة وبغض أهل الكفر والعصيان في كل زمان ومكان

ومما تقدم عرضه يتضح أن من أحب في الله، فلا بد أن يبغض في الله فإذا أحببت عبدا لأنه مطيع لله، ومحبوب عند الله فلا بد أن تبغض الضد وتعاديه وذلك أمر لا يحتاج إلى جدال، لأن المتضادات لا يوجد أحدها إلا بانتفاء الآخر, والحب والبغض من الأمور التي فطرت عليها النفس البشرية فلا يخش على الناس من تلاشى هاتين الصفتين، أو إحداهما ولكن الخطر الحقيقي يكمن في صرف تلك الصفتين عن إطارهما الصحيج، وما يجب أن يستخدما فيه من حب في الله وبغض في الله، إلى الحب المزيف والبغض المزيف كما هو شأن أهل الجاهلية قديمًا وحديثًا (١).


(١) انظر (٣٧ - ٤٦) من هذه الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>