للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة: ٤] اهـ.

وهذه الآيات وغيرها، تدل على أن الإنسان لا يصير مؤمنا بالله إلا بالكفر بالطواغيت ومعاداتهم، ومعاداة كل الصفات الطاغوتية وأهلها ومن يروج لها من أهل الردة والنفاق وتجار الألسن وفاقدي الضمير.

إنه لا يمكن أن يستقر في قلب واحد، الإقرار بالتوحيد وأنه دين الله، ثم يعاديه، ويعرف أن الشرك هو الكفر ثم يواليه ويذب عنه، وعن أهله باللسان والمال والسنان فهذا الفعل من أعظم الذنوب وأكبر الآثام (١).

قال تعالى: (تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَت لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إلَيهِ مَا اتَّخَذُوهُم أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنهُمْ فَاسِقُونَ) [المائدة: ٨٠، ٨١].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: في هذه الآيات بيان من الله سبحانه وتعالى أن الإيمان بالله وبالنبي - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل إليه يقتضي عدم ولاية الكفار، فثبوت موالاتهم، يوجب عدم الإيمان، لأن عدم اللازم يقتضي عدم الملزوم (٢) اهـ.

فالبراءة من الشرك تقتضي البراءة من المشركين والبراءة من الأوثان تقتضي البراءة من عابديها قال تعالى: (إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) [الممتحنة: ٤] الآية فقدم الباري عز وجل البراءة من المشركين على


(١) انظر الدرر السنية (١/ ٩٦).
(٢) مجموعة التوحيد (٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>