للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: أما إذا أظهر الموافقة للكفار على دينهم، وأن بدعتهم وكفرهم أصوب من الإسلام، واتهم الإسلام بالباطل والقصور، وقاتل معهم أهل التوحيد، بنفسه وماله ورأيه فهذا كافر مرتد، ولو عرف الدين بقلبه وكره الكفر بقلبه، لأن الأمر الذي يمنعه من الهجرة محبة الدينا على الآخرة، ويتكلم بكلام الكفر من غير إكراه ملجيء فهو داخل في قوله تعالى: (وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [النحل: ١٠٦، ١٠٧] (١) اهـ، وحتى المكره إكراها ملجئا لا يجوز له أن يحمل على أخيه السلاح فيقتله من أجل سلامة نفسه هو (٢) فالإكراه يجوز معه التلفظ بكلمة الكفر ترضية للكفار أما من يحارب المسلمين بقوله وفعله ويناصر الكافرين من أجل أنه يشق عليه فراق أهله وأولاده وبلاده، فيقتل المسلمين، ويرمل نساءهم وييتم أطفالهم، ويخفي الإسلام وأهله، ويظهر الكفر ويجاري أهله، مقابل أن يسمل هو بنفسه فهذا ظلم وإعانة على الظلم، قال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [الأنعام: ١٦٤].

قال القرطبي في معنى هذه الآية: أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى، أي: لا تؤخذ نفس بذنب غيرها، بل كل نفس مأخوذة بجرمها ومعاقبة بإثمها (٣).


(١) انظر مجموعة التوحيد (٢٨٤، ٢٨٥) والدرر السنية (٨/ ١١١، ١١٢).
(٢) انظر تفسير القرطبي (١٠/ ١٨٢، ١٨٣) وانظر فتح الباري (١٢/ ٣١٦) وانظر التشريع الجنائي الإسلامي عبد القادر عودة (١/ ٥٦٨).
(٣) انظر تفسير القرطبي (٧/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>