للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مختصر تفسير الطبري: أي لا تجترح نفس إثمًا فيؤخذ به غيرها (١) وعلى هذا إذا وجد حاكم ظالم يطارد أهل الحق ويبطش بهم، وينصر أهل الباطل ويدعم باطلهم، فلا يجوز لمن يلتزم بالإسلام قولا وفعلا، أن يعين هذا الظالم على ظلمه، لأنه حينئذ يخالف قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، أرأيت إن كان ظالما، كيف أنصره؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره» (٢).

والذي يعين الظالم على المظلوم، إنما يعمل ضد مفهو م الحديث تماما، وهذا إثم عظيم وذنب كبير، وتلك هي الموالاة الظالمة حيث ينصر من يجب عليه خذلانه، ويخذل من تجب عليه نصرته.

ونود أن نذكر في هذا المقام الذين يوالون الكفار ويطلبون رضاهما، بأن رضا الكفار لن يتم إلا بما هو دون الكفر، قال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: ١٢٠] فالكفار إذا أحسوا أن لدى المسلم إمكانية المتابعة لهم والموالاة لهم على كفرهم، فإنهم يتدرجون به رويدا رويدا حتى يخرجوه من الإسلام، فإذا آرادوا إقرار منكر ما فأول خطوة في ذلك هي أن يشتروا بعض العلماء الذين يبيعون دينهم بعرض من الدنيا، ثم يستصدرون الفتاوى التي هم أول من يعلم ببطلانها، ثم يطلبون التأييد على هذا المنكر الذي فعلوه بحجة أنه لا يعارض الشرع ثم يطلبون ممن يوافقهم مطاردة من ينكر عليهم تصرفهم هذا، وأن يحمل السلاح ويدفع المال لقتال المعارضين لهم، وإن كان المعارض هو صاحب الحق والذي مع الحق، وهكذا يفعل الكفار في مدعي الإسلام ترك بعض


(١) انظر مختصر تفسير الطبري -ابن صمادح- الأندلسي على هامش المصحف المفسر عن (١٦٥).
(٢) رواه البخاري: انظر فتح الباري (٥/ ٩٨) باب المظالم

<<  <  ج: ص:  >  >>