للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجبات وفعل بعض المحرمات تدريجا حتى ينسلخ المسلم من دينه ويخرج من مسمى الإسلام وهو لا يشعر (١) ومما تقدم يتضح أنه يجب على المسلم أن يقف موقفا صلبا من أعداء الإسلام والمسلمين وأن لا يتنازل عن شيء من واجبات الإسلام مهما كانت الدوافع والأسباب، وأن يقاطع أهل الشرك ويتبرأ منهم ومن شركهم ويجاهدون ويكفرهم، ويقر بإباحة دمائهم وأموالهم ما داموا على الكفر، فلا يكون المؤمن موحدا إلا بهذا وهو مقتضى كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، حيث يقول الله عز وجل: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: ٧١]، فهذا شأن كل مؤمن مع المؤمنين، ويقول الله تعالى عن الكفار (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال: ٧٣].

فلا يصح للمؤمن دين إلا بموالاة أهل التوحيد، ومعاداة أهل الضلال وبغضهم والبراءة منهم، كما تبرأ إبراهيم والذين معه من الكفار، وكما تبرأ نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه من كفار قريش ومن حذا حذوهم، وهذه هي الموالاة للمؤمنين، والمعاداة للمشركين التي هي أصل عرى الإيمان وأوثقها (٢).

فمعاداة الكفار واجبة وإن كان فيهم أخلاق طيبة، وصفات حميدة فمن لم يعاد الكفار ويتبرأ منهم لم يدخل في الإسلام، وإن كان يتعامل مع المسلمين معاملة حسنة ويقدم لهم دعما سخيا.

فإن في قصة أبي طالب درسا وعبرة وعظة، أنه لا موالاة إلا بمعاداة فهذا الرجل قد بذل عمره وماله وأولاده وعشيرته في نصرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى


(١) انظر الدرر السنية (١/ ٦٦).
(٢) انظر الدرر السنية (٢/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>