للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تصح موالاته من قبل المسلمين، وإنما يعامل على أساس البر والصلة بالمعروف، دون محبة القلب كمحبة أحد المسلمين، فهو وإن كان يحب لما فيه من صفات طيبة وأخلاق كريمة، كالكرم، والأمانة، والصدق والفواء فإن تلك الصفات لا تطغى ولا تنسينا صفة الكفر التي هو أسوأ صفة وأقبحها في الوجود، فمثل الكفار وصفاتهم الطيبة كمثل امرأة جميلة كريمة متواضعة ولكنها مع تلك الصفات عاهر بغي فإن تلك الصفة القبيحة تطغى على جميع صفاتها الحسنة وتذهب أثرها عند ذوي العقول السليمة والفطرة المستقيمة وتجعلهم يمقتونها ويعادونها وينظرون إليها نظرة احتقار وازدراء (١).

إن موقف المسلم من الكفار، ليس مجرد العداء لهم، بل المطلوب منه جهادهم، والحرص على مراغمتهم، وإدخال الحزن عليهم (٢)، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) [التوبة: ١٢٣] فمن جهاد الكفار السعي إلى كسر شوكتهم ومراغمتهم وإدخال الهزيمة عليهم بكل الوسائل والأسباب المباحة، والتضييق عليهم والوقوف في وجه مكائدهم، بكل ثبات وإصرار، وكشف آباطيلهم وعورات نظمهم، وتعرية مفاسدهم لكل ذي عينين، حتى يحصل الإقبال على الإسلام والأدبار عن الكفر، نتيجة للفهم والوعي الصحيح، فإن لم يحصل من المسلم جهاد ومراغمة للكفار، فلا أقل من مقاطعتهم وعوراتهم وترك تبادل الأقوال والأفعال التي لا يقصد بها تقريبهم إلى إسلام وإنما يقصد بها التقرب إلى دنيا الكفار وما هم فيه من كفر.

ومما تقدم نخلص إلى القول بأنه لا صحة لإسلام المسلم إلا بموالاة.


(١) انظر الدرر السنية (١٠/ ١٠١).
(٢) انظر «مدارج السالكين» ابن قيم الجوزية (١/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>