به، وصدق الالتجاء إليه، والولاء له وحده، ولرسوله وللمؤمنين يعدهم بالنصر والغلبة والتمكين، وقد جاء هذا الوعيد بعد بيان قاعدة الإيمان ذاتها في قوله تعالى:(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)[المائدة: ٥٦] فإذا كان النصر والغلبة والعزة والكرامة إنما تكون بموالاة الله ورسوله والذين آمنوا فمن الانحراف عن العقيدة السلمية أن يخلع الإنسان صفة الموالاة والتولي بكمالها لأعداء الله أو لمخلقوات ضعيفة، لا تنفع نفسها فضلا عن غيرها، فالذين يحبون غير الله، ويرجون سواه، في نصرة أو معونة أو تمكين، هؤلاء كأنما يتجاهلون مقام الباري عز وجل، ويتصغرون شأنه في المعونة والنصرة، عندما يلجئون بالمودة وطلب النصرة من غير الله، كحال الذين يستعينون ويستنصرون بالكفار الشرقيين أو الكفار الغربيين أو الهيئات الدولية، والأحزاب الجاهلية، وهذا منتهى الضلال والانحراف، فالله سبحانه وتعالى أمر عباده أن يتخذوه وليا، دون غيره من المخلوقات؛ لأن ذلك من مقتضى عبوديتهم له، واعترافهم بربوبيته، وألوهيته عليهم، كما يجب عليهم خوفه، ورجاؤه، يجب عليهم محبته، وموالاته دون غيره، وليس الدافع إلى موالاة الله، هو طلب النصرة والتمكين فقط، بل الدافع الأساسي أن هذا أمر تعبدنا الله به، أما ما يترتب على هذا الأمر من نصرة ومودة وفلاح، فهذه ثمار تأتي في حينها، وتأتي لتحقيق قدر الله في التمكين لهذه الأمة، لا لتكون بذاتها هي الأغراء الوحيد على الدخول في هذا الدين فانتصار المسلمين على أعدائهم، وتفوقهم على سواهم، لا شيء منه لذواتهم، وأشخاصهم إنما يكون ذلك لحساب عقيدتهم، فيكون لهم ثواب الجهد في ذلك، فالله عز وجل لا يطلب ولاية أحد من خلقه ليزداد بهم عزا أو قوة، أو أن يعينوه في شأن من شئونه فإنه سبحانه وتعالى هو الغني الحميد الذي لا يحتاج إلى أحد من خلقه في الأرض ولا في