للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفعَلُونَ) [المائدة: ٧٩].

فلا يجوز ترك إنكار المنكر ممن يراه، فالذي يسكت عن إنكار المنكر خوفا أو هيبة من أحد من الناس، يكون مداهنا في دين الله، والله عز وجل حرم المداهنة يقول تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم: ٩].

فالذي يرى المنكر ينكر على فاعله بالحكمة والموعظة الحسنة التي يراها مناسبة لمثل تلك الحالة، فالمنكر إذا خفي لم يضر إلا صاحبه، وإذا فشا ولم ينكر ضر العامة كلهم (١).

وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها» وقال مرة: أنكرها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها (٢)، فعلى هذا يكون الاستئناس والمعاشرة عند رؤية المنكر مع القدرة على الإنكار، هو عين المداهنة (٣) فما ذاق طعم الإيمان، من لم يوال في الله ويعاد فيه فالعقل كل العقل ما أوصل إلى رضا الله ورسوله وهذا إنما يحصل بمراغمة أعداء الله، وإيثار مرضاته على مرضاتهم، والغضب إذا انتهكت محارمه فالغضب ينشأ من حياة القلب وغيرته وتعظيمه لله، وإذا عدمت الحياة في القلب تبعها انعدام الغيرة والتعظيم والغضب لله فتساوى عند هؤلاء الناس الخبيث والطيب، في المعاملة وفي الموالاة والمعاداة فأي خير يبقى في قلب كهذا؟


(١) انظر الدرر السنية (١١/ ٤).
(٢) انظر سنن أبي داود (٤/ ١٢٤) رقم الحديث (٤٣٤٥) كتاب الملاحم,.
(٣) انظر الدرر السنية (٧/ ٣٥، ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>