للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المداهن الذي يطلب رضا الخلق، أخبث حالا من الزاني والسارق وشارب الخمر.

قال ابن القيم رحمه الله: ليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة بل القيام مع ذلك بالأمور المحبوبة عند الله، وأكثر المنتسبين إلى الدين لا يعبئون منها، إلا بما يشاركهم فيه عموم الناس، أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله، ورسوله وعباده المؤمنين، ومناصرتهم والجهاد معهم فلا يخطر ببال كثير ممن يدعون الإسلام فضلا عن أن يريدوا فعلها، أو أن يفعلوها وأقل الناس دينا، وأبعدهم من الله، من ترك هذه الواجبات وإن زهد في الدنيا جميعها، حيث يندر من هؤلاء من يحمر وجهه ويتمعر غضبا لله، إذا انتهكت محارمه، فهم لا يجودون بالأنفس والأموال في نصرة الحق وقمع الباطل، فأصحاب الكبائر أحسن حالا عند الله من هؤلاء (١) اهـ.

ثم يقول الشيخ حمد بن عتيق معلقا على كلام ابن القيم رحمهما الله جميعا: لو قدر أن رجلا يصوم النهار ويقوم الليل، ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع ذلك لا يغضب ولا يتمعر وجهه، ويحمر لله غضبا عند رؤية المنكر وأهله، فهذا من أبغض الناس عند الله وأقلهم شأنا، نظرا لعدم تحمله الأذى في سبيل الدعوة إلى الله (٢) اهـ.

ثم يقول حدثني من لا أتهم عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه قال مرة: عندما رأى أناسا يجلسون في المسجد على مصاحفهم يقرءون ويبكون، فإذا علموا معروفا لم يأمروا به، وإذا رأوا منكرا لم ينهو اعنه، ورأى أناسا يعكفون عندهم، ويقولون هؤلاء لحي


(١) انظر الدرر السنية (٧/ ٣٨).
(٢) انظر الدرر السنية (٧/ ٣٨، ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>