للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم (١) وفي حديث آخر عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها أخبرتها أنه استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢) رجل فقال: ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له: يا رسول الله! قلت ما قلت، ثم ألنت له في القول فقال: أي عائشة: إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس اتقاء فحشه (٣).

قال بعض العلماء: تجوز المداراة، فيما لا يؤدي إلى ضرر الغير، فأما إن كانت المدارة في أمور تخالف أصول الدين فهي مداهنة لا مداراة فلا يجوز مداراة الناس في مظالمهم من قتل نفس أو سرقة أموال، أو انتهاك أعراض، أو شهادة زور أو نحو ذلك من الأمور المحرمة (٤).

قال ابن بطال (٥): المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض


(١) انظر فتح الباري (١٠/ ٥٢٧) وقد ضعف الألباني هذا الحديث في كتابه سلسلة الأحاديث الضعيفة (١/ ٢٥٢) رقم (٢١٦).
(٢) هو عيينة بن حصن، ولم يكن أسلم حينئذ وإن كان قد أظهر الإسلام فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبين حاله ليعرفه الناس، ولا يغتر به من لم يعرف حاله، قال القاضي: وكان مثله في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده ما دل على ضعف إيمانه، وارتد مع المرتدين، وجيء به أسيرًا إلى أبي بكر رضي الله عنه ووصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه بئس أخو العشيرة من أعلام النبوة لأنه ظهر كما وصف، وإنما ألان له القول تألفا له ولأمثاله على الإسلام، والمراد بالعشيرة قبيلته أي بئس هذا الرجل منها انظر صحيح مسلم (٤/ ٢٠٠٢) كتاب في البر والصلة.
(٣) انظر فتح الباري (١٠/ ٥٢٨).
(٤) انظر روائع البيان في تفسير آيات الأحكام في القرآن (١/ ٤٠٤) تأليف محمد علي الصابوني.
(٥) هو علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري، القرطبي المالكي ويعرف بابن اللحام أبو الحسن محدث فقيه، استقضي بحصن الورقة وتوفي في آخر يوم من شهر صفر سنة ٤٤٩ هـ من آثاره: شرح الجامع الصحيح للبخاري في عدة أسفار، والاعتصام في الحديث، انظر معجم المؤلفين/ عمر رضا كحالة (٧/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>