للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة، وقد حصل بسببه آثار سيئة ومفاسد كبيرة، فالتخلص من الاختلاف الذي هو من هذا النوع، واجب ورحمة للأمة كما قال تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: ٤٦].

فينبغي للعلماء والمجتهدين، التقارب والبعد عن الاختلاف، تبعا لقوة الدليل وغلبة الظن أنه الحق، لأن اجتماع المسلمين وتوحد كلمتهم وتقاربهم وتعاونهم واحترام بعضهم لبعض أمر، حث عليه الإسلام وهو الضمان الحقيقي لدوام الأخوة والموالاة والنصرة فيما بينهم (١) ويجب أن يدرك الأخ المسلم في تعامله مع إخوانه أنه لا يتعامل مع ملائكة لا يعضون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، بل يتعامل مع بشر يخطئون ويصيبون في اجتهادهم في أقوالهم وأفعالهم، فعلى الأخ أن لا يضيق ذرعًا بأي بادرة خطأ أو اجتهاد في غير محله، بل يحسن التوجيه، فيعذر الجاهل وبينه الغافل، ويذكر المتهاون والله الهادي إلى سواء السبيل.

السبب الرابع: من أسباب تحقيق الموالاة في الله صحبة أهل الخير وأهل المعرفة بالله، وتلك الصحبة مما أمر بها الإسلام وحث عليها، وأهل الخير الذي تستحب صحبتهم، هم من يشتغلون بعيوب أنفسهم عن عيوب الناس، يلتزمون أمر الشرع، ونهيه في صدق وطاعة، ويقومون بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قوة وإيمان، فصحبة هؤلاء تلين القلوب، وتطهر من الذنوب وهي بيئة طيبة يحيى فيها القلب حياة كريمة (٢).

فقد ورد في الحديث الصحيح أن أعرابيًا قال لرسل الله - صلى الله عليه وسلم - متى الساعة؟ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما أعددت لها؟» قال: حب الله ورسوله قال: «أنت مع من أحببت» (٣).


(١) انظر أسباب اختلاف الفقهاء د/ عبد المحسن بن عبد الله التركي (٣٤ - ٣٦).
(٢) انظر تذكرة الدعاة لبهي الخولي (٢٠٥).
(٣) رواه مسلم انظر صحيح مسلم (٤/ ٢٠٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>