للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية أو يحسب عليها، فلا يبقون على أحد يمثل الإسلام أو يتمثل فيه الإسلام سوى خاصة أنفسهم وقلة من أتباعهم، وينظرون إلىمن سواهم نظرة الند للند، وهذا أمر في غاية الخطورة على واقع المسلمين وحياتهم، وهو أمر يمنع تحقيق الموالاة والمناصرة بين عموم المسلمين، ويبقي الفئات العاملة للإسلام مزع متناثرة متناخرة، لا تشكل بوضعها هذا أي خطر على الأعداء ولا تحقق، لها ولدينها العزة والكرامة.

إن المسلم الحق الذي يحرص على مصلحة الإسلام والمسلمين هو الذي يواجهه إخوانه ويكاشفهم بآرائه عنهم وعن عملهم للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، فقد يتصور خطأ أنهم على خطأ وهو المخطئ في الحقيقة وقد يكون العكس صحيحا، كما أن الأخ أو الجماعة المسلمة التي يوجه إليها النقد يجب أن تتحلى برحابة الصدر وباحترام آراء إخوانهم الآخرين وإن اشتملت على شيء من الاجتهاد المخالف للصواب في مسألة فرعية فإن الكمال لله عز وجل فظاهر العتاب خير من باطن الحقد.

فكثير من المنتسبين إلى الدعوة تقاعسوا عن الانتماء إليها بسبب أنهم طرحوا بعض القضايا والآراء حول طريقة الدعوة وسبلها فلم يلق لها بال ولم يؤبه (١) لها فكان ذلك سببا من أسباب إعراضهم عن الدعوة عن الانتماء إليها، وهو سبب غير وجيه بطبيعة الحال، ولكنه واقع فعلا ومنهم من يختزن في ذهنه مجموعة من الملاحظات التي يظنها أخطاء تيردى فيهال العاملون للإسلام ثم تزداد في نفسه يوما بعد يوم دون أن يبديها لأخوانه أو يناقشهم عليها ويرى رأيهم فيها وفي النهاية تشكل تلك الملاحظات مبررا شرعيا في نظره للانفصال عن الجماعة المسلمة وعن الدعوة التي ينتمون إليها دون أن يكلف نفسه عرض تلك الملاحظات على إخوانه ومعرفة وجه الحق فيها له أم عليه.


(١) لا يؤبه له: لا يحتفل به، ولا يلتفت إليه انظر المعجم الوسيط (١/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>