إن الشجاعة في نقد الأخ لأقوال إخوانه وأفعالهم معدومة تقريبا بين العاملين للإسلام، كما أن رحابة الصدر وتقبل النقد عند بعض الإخوة مفقود أيضا، وهذا يؤدي إلى استمرار الأخطاء، وانطواء النفوس على ما يزعزع ثقتها بإخوانها، وبالتالي تضعف الموالاة والمناصرة بين الأخ وإخوانه وربما تقطع الصلة بينه وبين إخوانه بسبب ذلك.
وللأسف فإن هذا الأمر الذي أضعناه أو تهاونًا فيه قد أخذ به أعداؤنا فهم أكثر منا شجاعة في نقد بعضهم لبعض، كما أنهم أقدر منا على تحمل النقد وتقبله ممن جاء به، وإن بدا هذا النقد واهيا ضعيفًا.
فعلى كل أخ إذا أراد أن تستمر الموالاة والمناصرة بينه وبين إخوانه، أن يكون صريحا مع إخوانه، وأن لا يضمر لهم خلاف ما يظهر وأن يكون لهم مرآة يرون من خلاله عيوبهم ويكونوا له مرآة يرى عيوبه من خلالهم، حتى يصل الجميع إلى التكامل والتكاتف وتجنب الأخطاء.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن: يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه»(١).
السبب السادس: من أسباب تحقيق الموالاة في الله الفرح بحسن حال المسلمين واسترضاء المسلم لأخيه المسلم وقضاء حاجته أخرج الطبراني عن ابن بريدة الأسلمي قال: شتم رجل ابن عباس رضي الله عنهما فقال ابن عباس: إنك لتشتمني وإنَّ فيَّ ثلاثَ خصالٍ، إني لآتي على الآية في كتابِ الله فلوددت أن جميعَ الناس يعلمون ما أعلم، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح ولعلي لا أقاضي
(١) رواه أبو داود والترمذي انظر سنن أبي داود (٤/ ٢٨٠) كتاب «الأدب» باب في النصيحة والحياطة، وانظر سنن الترمذي (٣/ ٢١٨) باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم.