للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند البعض الآخر أو كثرة النعاس لدى بعضهم أو قلة الكلام من بعضهم وكثرته عند البعض الآخر، فإن هذه الأمور ونحوها من الأولى أن يتجاهلها الأخ من إخوانه فلا يبديها لهم إذا خاف في إبدائها لهم أو مناقشتهم فيها ما يحملهم على قطع رابطة الأخوة ومفارقة الجماعة، فلا يبديها لهم ولا يناقشهم فيها مواجهة، ولكن يعرض بما هو شبيه بحالتهم، فيكون ناصحا لهم بطريق غير مباشر.

وعلى الأخ أن لا يكثر من مفاتحة إخوانه بأشياء لم يذكروها مخافة أن يحملهم على الكذب اضطرارًا في ذلك، وأن يسكت عن القدح في أحباب إخوانه والمقربين إليهم، ممن لا يظهر عليهم فعل المعاصي والمجاهرة بها.

قال ابن المبارك: «المؤمن يطلب لهفوات إخوانه المعاذير والمنافق يطلب العثرات» (١) اهـ.

ومن حقوق الموالاة في الله (٢) ترك سوء الظن بالأخ المسلم، فسوء الظن غيبة القلب، وذلك أمر منهي عنه المسلم، ما لم تتوافر الأدلة اليقينية في حصول الأمر المظنون به، وسوء الظن هو أن تحمل فعل أخيك على


(١) هو عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن المروزي مولى بني حنظلة كانت أمه خوارزمية وكان أبوه عبد تركيا لرحل من تجار همدان من بني حنظلة ولد عبد الله بن المبارك في سنة ١١٨ هـ وتعلم العلم حتى أصبح يلقب بأمير المؤمنين في الحديث قدم هارون الرشيد إلى الرقة في غرب بغداد فاستقبله أفراد من الحرس والشرطة، وعندما قدم عبد الله بن المبارك من نفس المكان خرج الناس عن بكرة أبيهم لاستقباله فنظرت جارية في قصر الخليفة إلى المنظر فقالت ما هذا؟ قالوا: عالم من أهل خراسان، فقالت: هذا والله الملك، لا ملك هارون الرشيد الذي لا يجمع الناس إلى بشرط وأعوان، وقد سئل ابن المبارك من الناس؟ فقال: العلماء، قيل: فمن الملوك؟ قال: الزهاد قيل فمن السفلة؟ قال: الذين يعيشون بدينهم توفي رحمه الله مجاهدا في بلاد الروم سنة ١٨١ هـ انظر تاريخ بغداد الخطيب البغدادي (١/ ١٥٢) وانظر حلية الأولياء لأبي نعيم (٨/ ١٦٧).
(٢) انظر فضيلة الألفة والأخوة، مخطوطة بجامعة الرياض قسم المخطوطات (١٦٠٥)، فيلم (٥٥٦/ ٦) المؤلف غير معروف الورقة (٤١، ٤٢) كتبت في القرن التاسع الهجري تقريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>