للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستحقوا لعنة الله وعذابه قال تعالى: (فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) [البقرة: ٩٠].

سادسًا: من حقوق الموالاة العفو عن هفوة الأخ والكف عن عثرته وهي لا تخلو إما أن تكون في دينه بارتكاب معصية، أو في دنياه بتقصيره في حقك.

فأما ما يكون في الدين من ارتكاب معصية وترك واجب أو اقتراف محرم فلا يخلو ذلك من أمرين:

١ - أن تكون تلك المعصية التي اقترفها، أو الواجب الذي تركه زلة قد ندم عليها وتاب عنها فالعفو والصفح واجب في ذلك.

٢ - أن يكون مصرًا على المعصية متلبسًا بها، فالأولى التلطف في نصحه بما يقيم عوجه، ويجمع شمله، ويعيد الورع والصلاح إليه، فإن لم تستطع وبقي مصرًّا، فقد اختلفت طرق الصحابة في حق مودته واستمرار موالاته، أو مقاطعته ومعاداته، ولهم في هذه المسألة قولان:

القول الأول: قول أبي ذر (١) رضي الله عنه حيث يرى أن


(١) هو جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل الغفاري، وأمه رملة بنت الوقيعة من بني غفار، وكان أبو ذر رضي الله عنه من كبار الصحابة وفضلائهم، قديم الإسلام يقال: أسلم بعد أربعة وكان خامس من أسلم، ثم انصرف إلى بلاد قومه وأقام بها حتى هاجر رسوله الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة فقدم عليه وعندما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك تخلف أبو ذر قليلا ثم ركب بعيره ولحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي الطريق كان بعيره بطيئا فتركه وحمل متاعه على ظهره وانطلق ماشيا على قدميه حتى لحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر أحد المسلمين إليه وهو مقبل فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: كن أبا ذر فقالوا: يا رسول الله هو أبو ذر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يرحم الله أبا ذر يمشي على الطريق وحده ويموت وحده ويحشر وحده، وقد توفي رضي الله عنه على طريق الربذة في أطراف الشام سنة (٣٢) هـ وصلَّى عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (٥/ ١٨٦ - ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>