للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاروا ينسجون المؤامرات بالمدينة أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصحابة في قتل اليهود المحاربين لله ورسوله، وكان ذلك في السنة الثالثة للهجرة حيث قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - «من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه» فوثب محيصة بن مسعود رضي الله عنه على ابن سنينة اليهودي وهو من تجار يهود فقتله، وكان ابن سنينة يبايعهم في تجارته، فقال له أخوه حويصة بن مسعود وهو حينئذ مشرك، يا عدو الله قتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله يلوم أخاه على قتل هذا التاجر اليهودي، فقال محيصة: لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لقتلتك فقال: «إن دينا بلغ بك هذا لعجب» فأسلم حويصة لذلك (١).

ومن صور الموالاة في الله ما حصل من سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مع أمه عندما امتنعت عن الأكل والشرب وأقسمت أن لا تطعم حتى يرجع عن الإسلام، وأخذت على ذلك ليالي وأياما، وبدأت تستقبل سعدا بالبكاء والدموع، لعلها تبلغ بدموعها ما لم تبلغه بتوسلاتها وكان معروفا أنه من أبر الأبناء بأمهاتهم، لكنه وقف من أجل دينه ذلك الموقف الحازم الشديد فقال لها: والله لو كان لك ألف نفس، فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني هذا.

وعند ذلك أدركت أن هذا الأمر ليس فيه مجال للمساومة أو الإغراء أو التهديد أو الوعيد، فرجعت عن ذلك (٢) وقريب من هذه الحادثة ما حصل من الطفيل بن عمرو الدوسي حيث أسلم وأقام بمكة زمنا تعلم فيه وتفقه في أمر دينه ثم عزم على الرحيل والعودة إلى قومه دوس التي كانت تعبد أصناما منها ذوى الشرى، وذو الكفين، وعندما وصل إلى أهله قال:


(١) انظر المصدر السابق (٤/ ٣٣٤، ٣٣٥).
(٢) انظر كتاب سعد بن أبي وقاص عبد الحميد جودة السحار (٨ - ١٣) وانظر صور من حياة الصحابة د/ عبد الرحمن رأفت الباشا (٤/ ١١١ - ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>