للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شئون نفر من المؤلفة قلوبهم، ثم رأى زيد بن سعنة أن يذهب لطلب الوفاء من الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل ميعاد الوفاء المحدد، قال: أتيته يعني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت: يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب إلا مطلا ولقد كان لي بمخالطتكم علم ونظر إلىَّ عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره فقال: يا عدو الله أتقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أسمع؟ وتصنع به ما أرى؟ فوالذي نفسي بيده لولا ما أحاذر فوته (١) لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر إليَّ في سكون وتؤدة (٢) اهـ.

ومن الصور في مثل هذا الموقف ما كان من عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع عمير بن وهب الجمحي رضي الله عنه حيث كان قبل إسلامه مع صفوان بن أمية رضي الله عنه وكان ذلك قبل إسلام صفوان أيضا فتحدث عمير بن وهب عن أسر ابنه في بدر، وحدث صفوان برغبته في قتل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لولا دين عليه وأولاد صغار لهم من ينفق عليهم، فقال صفوان بن أمية رضي الله عنه أنا أتحمل ذلك عنك وتعاهد الرجلان بجوار الكعبة على ذلك، ثم مضى عمير بن وهب في مهمته حتى قدم المدينة ونزل على مقربة من المسجد النبوي وبينما هو متجه إلى المسجد إذ التفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان مع جماعة من الصحابة خارج المسجد فقال عمر: هذا عدو الله عمير بن وهب، والله ما جاء إلا لشر امضوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكونوا حوله، ثم انطلق عمر إليه وأخذ بمجمع ثوبه من عنقه وطوق عنقه بحمالة سيفه، ثم مضى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه الحال قال لعمر أطلقه يا


(١) أي لولا ما أخشى أن يفوتني من رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفعلت.
(٢) انظر حقوق الإنسان محمد الغزالي (٥٩) وانظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (٢/ ٢٣١، ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>