للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر فأطلقه ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما الذي جاء بك يا عمير؟ قال جئت أرجو فكاك هذا الأسير الذي في أيديكم قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فما بال السيف معك؟ قال: وهل أغنت عنا شيئا يوم بدر؟

ثم أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - باتفاقه مع صفوان وخطتهما لقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال والله لقد أيقنت أنه ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي ساقني إليك سوقا ليهديني إلى الإسلام، ثم شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله ففرح المسلمون بذلك فرحا شديدا حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لخنزير كان أحب إلي من عمير بن وهب حين قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو اليوم بعد إسلامه أحب إلي من بعض أبنائي (١).

ومن تلك الصور العملية في الموالاة والمعاداة في الله ما حصل من المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وذلك عندما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية أتاه عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه قبل أن يسلم (٢) وكان سيد ثقيف وكان خلال حديثه يتناول لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يكلمه جريا على عادة العرب في ذلك عند الملاطفة والرغبة في التواصل والتراحم، وكان المغيرة بن شعبة هو ابن أخي عروة بن مسعود (٣) واقفا على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما مد عروة يده إلى لحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرع المغيرة يد عمه بكعب السيف وهو يقول: أكفف يدك عن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ألا تصل إليك، فيقول عروة، ويحك ما أفظك وما أغلظك فيبتسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.


(١) انظر صور من حياة الصحابة د/ عبد الرحمن الباشا (١/ ٥٨ - ٦٨) وانظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (٤/ ١٤٩) وانظر كتاب الجرح والتعديل (٤/ ٤٢١).
(٢) انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (٣/ ٤٠٥) ابن الأثير.
(٣) المصدر السابق (٣/ ٤٠٦، ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>