للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شديدا وذلك بسبب امرأة أسرت من المسلمين وأدخلت إلى بلاد السند فجهز الجيوش المتواصلة، وأنفق بيوت الأموال حتى استنقذ المرأة وردها إلى أهلها ومدينتها (١).

هذه حال المسلمين في عهدهم الزاهر عهد الجسد الواحد إذا اعتدى على طرف منه تقلص الجسم وارتعش وانتفض انتفاضة تدمر الأعداء، ولكن شتان بين الأمس واليوم، وأين الثرى من الثريا؟ إن ملايين المسلمين اليوم من الرجال والنساء والأطفال يصرخون ليل نهار، في مشارق الأرض ومغاربها وشمالها وجنوبها ووسطها، يصرخون وينادون بلسان الحال والمقال وامعتصماه، ولكن هيهات هيهات لا مجيب. يقول الشاعر عمر أبو ريشة:

أمتي كم غصة دامية ... خنقت نجوى علاك في فمي

تسمعي نوح الحزانى وتطربي ... وتنظري دمع اليتامى وتبسمي

رب وامعتصماه انطلقت ... ملء أفواه الصبايا اليتم

لامست أسماعهم لكنها ... لم تلامس نخوة المعتصم (٢)

لقد أصبح معظم المسلمين اليوم كالسائمة من بهيمة الأنعام التي يذبح الجزار من طرفها وتفقد كل يوم فردًا من أفرادها، ومع ذلك فهي تأكل بكل طمأنينة وتجتر، وتعطي الدر بسخاء لمن يحد السكين لنحرها، لقد أصبح الكفار في هذا العصر أكثر موالاة مع بعضم من المسلمين مع بعضهم وهذا ليس من قبيل التشهير بل هو الواقع فعلا، فإذا اعتدي على يهودي أو نصراني أو شيوعي قامت قيامة العالم كله، أما عندما يكون الضحية من المسلمين فإننا نرى التجاهل المفرط من المسلمين وأعداء الإسلام على حد سواء، وكدليل على ما نقول نسوق بعض الأحداث المشهورة للعبرة


(١) انظر تاريخ الأمم والملوك للطبري (١٠/ ٣٥٢) أحداث سنة ٢٢٤.
(٢) انظر مجلة الدعوة السعودية عدد (٨١٥) الاثنين (٣/ ١١/ ١٤٠١) (٣٠، ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>